لا يوجد في تعاليم الإسلام ما يقود الناس إلى الإلحاد، لا يوجد في الإسلام ألغاز أو غموض تُربك العقل، الإسلام بسيط ومتين، وتتلخص تعاليمه فيما يلي:

أنَّ للكون خالق واحدٌ (القوة التي في السماء)، وهو الله (بمعنى الإله الواحد الأحد)، الخالق للكون وما يحتويه، والذي ليس كمثله شيء، وعلى المسلم عبادة خالقه وحده، وذلك بالتواصل معه مباشرةً عند التوبة من ذنب أو طلب المعونة، وليس من خلال قسيس ولا قديس ولا أي وسيط. وأنَّ رب العالمين رحيم بخلقه أكثر من الأُم بأولادها، فهو يغفر لهم كلما رجعوا وتابوا إليه. وأنه من حق الخالق أن يُعبَد وحده، ومن حق الإنسان أن يكون له صلة مباشرة بربَّه. فالمغفرة لا تتنافى مع العدالة، كما أنَّ العدالة لا تمنع المغفرة والرحمة.

أنَّ الخالق لا يأتي إلى الأرض في صورة إنسان ولا حيوان ولا حجر أو صنم، وليس له شريكٌ ولا ولد، وأنه تعالى أرسل الأنبياء والرُّسل كالمسيح وموسى ومحمد لنشر رسالة التوحيد في العالم. خلق المسيح من غير أب وخلق آدم من غير أب ولا أم، فهو يخلق ولا يلد، وأمرنا بعبادته بالتوجه إليه وحده كما فعلوا هم، فالمسلم يعبد الله كما عبد المسيح الله ولا يعبد المسيح نفسه، ويعبد الله كما عبد محمد الله ولا يعبد محمد نفسه.

أنَّ الإيمان بالخالق يقوم على حقيقة أن الأشياء لا تظهر بدون سبب أو بمحض الصدفة، ناهيك عن هذا الكون المادي المأهول الضخم وما فيه من مخلوقات، تمتلك وعياً غير ملموس، وتطيع قوانين الرياضيات غير المادية. وإنه لشرح وجود كون مادي محدود، نحتاج إلى مصدر مستقل، غير مادي وأبدي.

أنَّ الإله الخالق حي قيوم غني قادر، ليس بحاجة لأن يموت لأجل البشر، فهو الذي يمنح الحياة أو يسلبها، لذلك هو لم يَمُت متجسدا في المسيح، كما أنه لم يُبعَث، هو الذي حمى وأنقذ رسوله عيسى المسيح من القتل والصلب، كما حمى رسوله إبراهيم من النار، وموسى من فرعون وجنوده، وكما يفعل دوماً مع عباده الصالحين في حمايتهم وحفظهم.

أنَّ الدرس الذي علمه الخالق للبشرية عند قبوله توبة آدم بسبب أكله من الشجرة المحرَّمة، هو بمثابة أول مغفرة لرب العالمين للبشرية، حيث أنه لا يوجد معنى للخطيئة الموروثة، فلا تزر وازرة وزر أخرى، فكل إنسان يتحمل ذنبه وحده؛ وهذا من رحمة رب العالمين بنا. وأنَّ الإنسان يُولد نقيًّا بلا خطيئة، ويكون مسؤولاً عن أعماله ابتداءً من سن البلوغ.

أنَّ الإنسان لن يُحاسَب عن ذنب لم يقترفه، كما أنه لن ينال النجاة إلا بإيمانه وعمله الصالح، منح الخالق الحياة للإنسان وأعطاه الإرادة للامتحان والابتلاء، وهو مسؤول فقط عن تصرفاته. وأنَّ الإنسان يمتلك حرية الاختيار فقط في حدود معرفته وإمكانياته. فالحساب مرهون بوجود المسؤولية، وإمكانية الاختيار، فالخالق لن يُحاسِب المَرء على شكله ووضعه الاجتماعي وانتمائه القبلي. والحرية المحفوفة بالصراع والكفاح أعظم درجة وتكريم للمرء من الإنسان السعيد مسلوب الإرادة، فالحساب والثواب ليس لهما معنى بدون الإرادة.

الايمان بكافة الرسل الذين بعثهم الخالق للبشر دون تمييز. وأنَّ إنكار أي رسول أو نبي يتعارض مع أساسيات الدين. وأنَّ جميع أنبياء الخالق بَشَّروا بقدوم خاتم الرسل محمد عيه الصلاة والسلام. كما أن العديد من الأنبياء والرسل الذين أرسلهم الله للأمم المختلفة ذُكرت أسمائهم في القرآن الكريم (مثل نوح، إبراهيم، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، يوسف، موسى، داود، سليمان، عيسى إلخ….)، هناك آخرون لم يُذكروا. فإن احتمالية كون بعض الرموز الدينية في الهندوسية والبوذية (مثل راما، كريشنا، وغواتاما بوذا) أن يكونوا أنبياء أرسلهم الله هي فكرة غير مستبعده. وقد ظهرت الفروقات بين المعتقدات عندما قدَّست الشعوب أنبياءها وعبدتها من دون الله.

الإيمان بالكتب والعهود السابقة، التي لم يطرأ عليها أي تحريف أو تغيير، بل ويجعل الإيمان بالرسل والكتب السابقة من أسس الإسلام. ويُكرِّم ويُشرِّف كافة الرسل والأنبياء ويُبرِّئهم من التُّهم والنقائص، ويُبرهن على إخلاصهم لرب العالمين ووحدانية الرسالة.

أنَّ النص الكامل لكتابه المقدس (القرآن الكريم)، نزل على النبي محمد بواسطة الملك جبرائيل، وكما ويؤمن المسلم بغيره من الملائكة.

أنَّ نص القرآن لا يزال بلغته الأصلية (العربية)، وبدون أي تغيير أو تحريف أو تبديل، ولا يزال محفوظاً كما هو حتى وقتنا هذا، وسيبقى كذلك، كما وعد رب العالمين بحفظه. وهو متداول بأيدي جميع المسلمين، ومحفوظ في صدور الكثير منهم، وأنَّ الترجمات الحالية للقرآن بلغات متعددة والمتداولة بين أيدي الناس، ما هي إلا ترجمة لمعاني القرآن فقط.

أنَّ تعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأقواله، تم نقلها وتوثيقها من خلال سلسلة من الرُّواة المَوثوقين.

أنَّ الانسجام المَوجود بين أجساد البشر وأرواحهم يُبيِّن أنه من غير الممكن جعل هذه الأرواح تسكن في أجساد الحيوانات ولا يمكن لها التجول بين النباتات والحشرات (تناسخ الأرواح) ولا حتى في أشخاص. ولقد مَيًّز الله الإنسان بالعقل والمعرفة وجعله خليفةً في الأرض، وفضَّله وكرَّمه ورفع من شأنه على كثير من الخلائق. ومن حكمة وعدل الخالق وجود يوم القيامة الذي سيبعث الله فيه الخلائق ويحاسبهم وحده، ويكون مآلهم إلى الجنة أو النار، وكل الأعمال الصالحة والسيئة سوف تُوزن في هذا اليوم.

أنَّ دين الخالق الصَّحيح دائماً في توافق وانسجام مع الطبيعة البشرية، وهو دين واحد، سهل، مفهوم وبسيط، وصالح لكل زمانٍ ومكان، وأنَّ تعدد الديانات ناتج عن اتخاذ الوسطاء بين الخالق والمخلوق في العبادة، وعند توجه البشر لعبادة الخالق مباشرة بدون وسيط، والإيمان جميعاً بمحمد خاتم الرسل، واتباع شريعته، تتوحد القلوب على دين واحد، وهذا هو مفتاح البشرية نحو التناغم والتواؤم.

فعل الخيرات واجتناب السيئات، مثل حق الوالِديْن بالإحسان لهما، ومن ثم حق الأولاد في الحصول على حياة كريمة، والمحافظة على مال اليتيم، والقسط في الوزن والمكيال، والعدل في القول والفعل، والوفاء بالعهود. والنهي عن اقتراف الفواحش أو حتى الاقتراب منها، وعدم قتل النفس البشرِية بغير حق، وهي مبادئ فطرية معنوية، وبالتالي فإنَّ الناس مُدرِكون لهذه القيم بشكل طبيعي وغريزي.

أن معاملة الناس بعضهم بعضاً بخُلقٍ حَسن، بهدف نفع الإنسانية وتعمير الأرض لا يُغني عن الإيمان بالخالق، والالتزام بالأخلاق العالِمية تحت مظلة الدين، لأن تعمير الأرض والخُلق الحسن ليسا الغاية للدين، لَكنَّهما في الحقيقة وسيلة. فغاية الدين أَن يُعرِّف الإنسان بربِّه، ثم بمصدره هو وطريقه ومصيره، ولا يتحقق حُسن النهاية والمصير إلا بالحصول على رضا رب العالمين، والسبيل إلى ذلك يكون بتعمير الأَرض والخُلق الحَسن.

أنَّه لا يوجد كهنوت في دين الخالق، والدين للجميع، الناس سواسية كأسنان المِشط أمام الله، فلا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصَّالح.

أن من أحد صفات رب العالمين الحكمة، فهو لا يخلق شيئاً عبثاً، بدون غاية أو هدف، فهو خلقنا ليرحمنا ويسعدنا ويعطينا، وكل الصفات البشرية الجميلة مشتقة من صفاته. وأن وجودنا في هذه الدنيا هو لهدف وغاية سامية، وهي معرفة الخالق عز وجل، والتوجه إليه بالتوبة والاستعانة به مباشرة.

أنَّ القاعدة هي الخير، والشر هو الاستثناء.  فالأشياء المُنظمة ستنهار وتتلاشى دائمًا ما لم يجمعها شيء من الخارج. أو أن تكون جيدة على نطاق واسع كما هي، دون أن يُنظم الخالق هذه الظواهر العشوائية التي تظهر في الأشياء الرائعة مثل الجمال والحكمة والفرح والحب.

أن الخالق وضع قوانين الطبيعة والسنن التي تحكمها، وهي تصون نفسها بنفسها عند ظهور فساد أو خلل بيئي وتحافظ على وجود هذا التوازن بهدف الإصلاح في الأرض واستمرار الحياة على نحو أفضل. وأن ما ينفع الناس والحياة هو الذي يمكث ويبقى في الأرض. وعندما يقع في الأرض من كوارث يتضرر منها البشر كالأمراض، البراكين، الزلازل والفيضانات، تتجلى أسماء الله وصفاته كالقوي، الشافي والحفيظ مثلاً، في شفائه للمريض وحفظه للناجي، أو تجلي اسمه العدل في عقاب الظالم لغيره والعاصي، ويتجلى اسمه الحكيم في ابتلاء وامتحان غير العاصي، والذي يُجازى عليه بالإحسان إن صبر وبالعذاب إن ضجر، وبذلك يتعَّرف الإنسان على عظمة ربه من خلال هذه الابتلاءات تماما كما يتعرف على جماله من خلال العطايا. فإن لم يعرف الإنسان إلا صفات الجمال الإلهي فكأنه لم يعرف الله عز وجل.

أنَّ الذي يقع من ابتلاءات هو إرادة الخالق، والذي أراده الخالق وقع، وإرادة الخالق متعلقة بالحكمة المطلقة والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق، حيث أنه لا يوجد شر مطلق بالوجود، وأنَّ الحياة الدنيا التي يعيشها الإنسان ليست إلا لحظة مقارنة بالحياة الأخرى الأبدية، ومن ثم يهون كل ما عاناه في الدنيا بغمسة واحدة في نعيم الجنة، وأن الحياة الدنيا بداية لرحلة أبدية يستأنفها الإنسان بعد الموت بالبعث والحساب، ومن ثم الجزاء.

أنَّ عظمة الدين، في شموليته وبساطته، فمصطلح الإسلام غير مرتبط بأي شخص أو مكان أو جماعة خاصة، ولكنه يعكس العلاقة مع رب العالمين.

ومن تعاليمه:

  •  دوام التواصل مع رب العالمين عن طريق الصلاة.
  •  تَقوية إرادة الانسان وتَحكُّمه بنفسه، وتنمية مَشاعر الرحمة والتآلف مع الآخرين عنده، بالصيام.
  •  إنفاق نسبة بسيطة من مدخراته للفقراء والمساكين عن طريق الزكاة، وهي عبادة تساعد الإنسان على تغليب صفات البذل والعطاء على نوازع الشُّح والبخل.
  • التجرد والتَّفرغ للخالق في وقت ومَكان مُعَّين، من خلال أداء مناسك ومشاعر واحدة لكافة المسلمين المقتدرين مادياً وصحياً، عن طريق الحج الى مكة، وهي رمز للوحدة في التوجه للخالق، على اختلاف الانتماءات البشرية وثقافاتهم ولغاتهم ودرجاتهم وألوانهم.

أن علاقة الإنسان بخالقه يجب أن تكون أفضل وأقوى من أي علاقة، فلذلك فالمسلم يجب أن يحرص على تطبيق تعاليم الإسلام، وهذه العلاقة هي العلاقة الحقيقية التي ستجلب له الخير كله واحترام الآخرين.

أن كثيراً من الناس يمرون بفترة يعتريها الشك والبحث والضياع، ولا يجدون السلام التام والراحة، إلا بعد أن يجدوا طريقهم لرب العالمين. تماماً كطفل ضائع يبحث عن والدته، وعندما يجدها يشعر بالسكينة ويكتشف أن هذا الأمان الذي كان يبحث عنه.


من كتاب دين عالمي

فاتن صبري

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *