أذكر أنني منذ زمن بعيد واجهت سؤالاً من سائقي الأفريقي الكاثوليكي عن ترتيب أحداث قصص القرآن.
حيث قال:
لقد حاولت قراءة سورة البقرة ووجدت الأحداث غير متسلسة.
لماذا القرآن غير مرتب زمنيًا حسب زمن الأحداث تاريخيًا؟
لماذا تحتوي كل سورة على مواضيع ليس لها علاقة ببعضها البعض؟
أذكر أنني لم أعرف الإجابة على سؤاله، وتساءلت في نفسي، هل عدم معرفتي للإجابة تقصير مني أم جهل بهذا الكتاب العظيم؟
حتى قرأت يومًا مقالاً بالصدفة يتكلم عن أهداف سورة من سور القرآن.
عكفت على قراءة هذا المقال ووجدت العجب.
وجدت كيف أنه مع اختلاف الشخصيات التي ذُكرت في السورة إلا أن كل قصة لشخصية مختلفة تحمل نفس هدف ومحور الموضوع التي تتكلم عنه السورة.
فعكفت على دراسة سور القرآن ووجدت أن:
- كل سورة لها محور خاص وهدف رئيسي تتكلم عنه.
- يذكر الله تعالى القصة التاريخية المناسبة للمغزى الذي اختاره الله للسورة.
- تأتي القصص المذكورة لخدمة هذا الهدف.
فعلى سبيل المثال لو تكلمنا عن سورة البقرة.
فمن أجمل ما قرأت عن محور السورة وهدفها وأردت أن ألخصه في هذا المقال كان ما يلي:
- آياتها (286 آية)
- أول سورة نزولاً في المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية ومع بداية تأسيس الدولة الإسلامية (السور المدنية تخص أمور التشريع)
- أطول سور القرآن الكريم
- أول سور القرآن الكريم في الترتيب بعد الفاتحة
محور السورة:
الإستخلاف في الأرض:
لقد خلق الله الأرض ومن عليها وأراد الحياة أن تسير وفق إرادته، وأراد أن يختار من هو مسؤول عنها.
البشر الذين أرادهم الخالق مسؤولون عن الأرض عليهم الإيمان به (الخالق الواحد الأحد الذي ليس له شريك ولا ولد)، وعبادته وحده بلا وسيط ولا قديس أو قسيس، ولا صنم أو حجر.
وعلى البشر بعد الإيمان بالخالق وعبادته وحده أن يلتزموا بالخُلق الحسن في التعامل فيما بينهم وتعمير الأرض.
و تعمير الأرض والخُلق الحسن ليسا الغايَة للدين، لكنَهما في الحقيقة وسيلة! فغاية الدين أن يُعرف الإنسان بربه، ثم بمصدره هو وطريقه ومصيره، ولا يتحقق حسن النهاية والمصير إلا بالحصول على رضا رب العالمين، والسبيل إلى ذلك يكون بتعمير الأَرض والخُلُق الحَسن، بشرط أن تكون أفعال العبد ابتغاءً لمرضاته تعالى.
استخلف الله تعالى الكثير من الأمم، فمنهم من فشل في مهمة الإستخلاف ومنهم من نجح.
وصف أصناف الناس:
- المتقين (آية 1 – 5)
- الكافرين، وهم من لا يؤمن بوجود الخالق، أو من يؤمن بوجوده لكن يعبد غيره (آية 6 – 7)
- المنافقين، وهم من يظهر الإيمان ويبطن الكفر (آية 8 – 20)
والإسهاب في ذكر صفات المنافقين كان للتحذير من خطرهم الكبير.
استخلاف آدم في الأرض كنموذج تم:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً 30
معنى وكيفية الخلافة في الأرض:
وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 31
يكون الإستخلاف في الأرض بالعلم والعبادة.
لهذا علّم الله تعالى الاسماء كلها وعلّمه كيفيةالحياة وأدوات الإستخلاف.
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ 22
زوال النعمة بالمعصية:
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ 36
نموذج فاشل من الاستخلاف في الأرض:
قصة بني اسرائيل الذين استخلفوا في الأرض فأفسدوا تبدأ باستشعار نعم الله.
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ 47
وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ 49
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ 50
وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ 51
ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 52
معاصي بني اسرائيل:
- التحايل وعدم تطبيق شريعة الله
- المادية الشديدة
- عدم طاعة الرسل
- تحريف الكتاب
- عدم الإيمان بالغيب
قصة البقرة برهان مادي على قدرة الله، عندما قُتل رجلا من بني اسرائيل ولم يُعرف قاتله فسألوا سيدنا موسى فأوحى الله تعالى اليه أن يأمرهم بذبح بقرة لها صفات معينة ويضربوا الميت بجزء من البقرة المذبوحة فيحيا باذن الله تعالى ويدل على قاتله (الآيات 69 – 71) وسميت السورة بالبقرة إحياء لهذه المعجزة.
نموذج ناجح للإستخلاف في الأرض (قصة سيدنا ابراهيم عليه الصلاة و السلام:
- آدم في بداية الخلق، قصة تمهيدية للاستخلاف في الأرض.
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً…(30)
- بني اسرائيل، قصة استخلاف في الأرض فشل أتباعها بتحمل المسؤولية بمعاصيهم.
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47)
- نبي الله إبراهيم، قصة استخلاف في الأرض لمن نجح في اختباره.
وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا… (124)
فالذي يسير على نظام الله الذي اختاره للبشر هو من يتولى مسؤولية عمارة الأرض، والذي يتخلى عن هذا النظام ليس له نصيب من عهد الله.
نماذج مختلفة للاختبار.
- اختبار نبي الله آدم كان في طاعة الله عن طريق أكله من الشجرة من عدمه
- اختبار بني اسرائيل في طاعتهم لأوامر الله من خلال رسوله
- اختبار نبي الله إبراهيم بطاعة الله عن طريق ذبح ابنه من عدمه
أوامر ونواهي للأمة المسؤولة عن الأرض:
تغيير القبلة:
تميز الأمة الإسلامية بقبلتها.
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ 144-143
التوازن في التميز:
إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ 158
لما نزلت آيات تغيير القبلة (اتجاه الصلاة) ليتميزوا المسلمون عن الكفار اعتبر المسلمون أن السعي بين الصفا والمروة من شعائر المشركين، وعليهم أن يتوقفوا عنها أيضًا.
جاءت الآية لتقول لهم: ليس عليكم أن تتوقفوا عن كل ما يمارسه المشركين، فبإمكانكم أن تطوفوا بالصفا والمروى لأنها من شعائر الله . وهذا مما يبقى على التوازن
عملية اصلاح شامل:
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ 177
بعد طاعة الله والتوازن في التميز، يأتي نظام حياة اصلاحي شامل.
أوامر ونواهي شاملة لنواحي الإصلاح:
التشريع الجنائي:
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون 179
التركات والوصيات:
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين180
التشريع التعبدي:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 183
دفاع عن نظام الحياة الإلهي ببذل المال والنفس:
وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 195
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون177
عناصر تنفيذ نظام الحياة الإلهي هو:
- طاعة
- تميز
- تقوى
الجهاد والانفاق :
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 190-192.
علينا أن نفهم:
- أن المسلم عليه أن يقاتل من يقاتله فقط، لكن إن ترك العدو القتال، فإنه لا يقاتَل ولا يُقتَل
- أقاتل على وزن أفاعل، دليل على المواجهة بين طرفين
- أقاتل تعني: رد الإعتداء ومقاومة من اعتدى وليس البدء بالإعتداء
نفهم أيضًا أن:
المسلم مأمور بصد أي عدوان يمنعه ويمنع المسلمين من ممارسة شعائرهم ويضطهدهم.
هنا نضيف أيضًا أهمية تعريف الناس الدين الصحيح (الإيمان بالخالق وعبادته وحده) الذي كان ولا زال ينتظره الكثيرون بفارغ الصبر، هؤلاء الذين يبحثون عن دين يوفر عليهم علاقة مباشرة مع خالقهم، بدون عبادة المسيح عليه السلام أو عبادة حجر أو صنم.
وهذا هو أقرب تعريف لمفهوم جهاد الطلب الذي يؤخذ على محمل القتل وليس على الوجه الصحيح الذي هو قتال من يهاجم و يقاتل المسلم (دفاع) أثناء قيامه بتوضيح معنى دين الإسلام وتعريف الناس عليه، والذي هدفه ايصال رسالة التوحيد فقط، وذلك بإعطاء تفسير ومعنى لكلمة الإسلام، ضمن حدود لا اكراه في الدين، وبدون قتل ولا دم ولا إرهاب.
الحج وأحكامه:
وأيات الحج (196-200) وردت في سورة البقرة استجابة لدعوة سيدنا ابراهيم.
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 128
سورة البقرة اشتملت على أركان الاسلام الخمسة: الشهادة والصلاة والزكاة والصوم والحج ولم تفصّل هذه الاركان في القرآن كما فصّلت في سورة البقرة.
الإسلام نظام متكامل:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ 208
بعد طاعة الله وتميز الأمة المسؤولة عن الأرض واتباع الاوامر والنواهي والجهاد والإنفاق للحفاظ على النظام الإلهي للحياة يكون الأخذ بالدين كافة.
اكتمال النظام الإلهي للحياة على الأرض 219 – 242:
وفيه اكتمال منهج الله من أحكام الاسرة( من زواج وطلاق ورضاعة وخطبة وخلع وعدة وغيرها)، وسياق كل ذلك التقوى.
وتنتهي الآيات بكلمة تقوى أو مشتقاتها.
وقد جاءت أحكام الصيام قبل أحكام الأسرة، لأن المسلم يجب أن يتدرب على التقوى بالصيام قبل تطبيق أحكام الأسرة التي لا يطبقها إلا من اتقى الله.
فالنطام الإسلامي الأخلاقي والعملي متكاملين.
قصة طالوت وجالوت 246 –252
وهي قصة أناس تخاذلوا عن نصرة الدين وجاء ذكرها هنا لأن نظام الحياة التي جاءت به سورة البقرة يجب أن يحافظ أناس غير متخاذلون.
آية الكرسي:
اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ255
اذا أراد المسلم تطبيق النظام الإلهي للحياة يجب أن يستشعر قدرة الله وعظمته وجلاله (الله لا إله الا هو الحي القيوم).
الحق واضح والباطل واضح:
لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ256
الدين واضح: ( الايمان بالخالق وعبادته وحده).
الذي لا يستشعر معنى (الله لا اله إلا هو) لا يمكن اكراهه على الدين.
الإلتزام بتطبيق نظام الله بعد إظهار الله لقدرته:
قصص تُظهر قدرة الله:
- · قصة ابراهيم مع النمرود آية 258 (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
- · قصة عزير والقرية الخاوية آية 259 (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
- · قصة ابراهيم والطير آية 261 (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
التحذير من الربا وتقديم البديل الحلال في الإنفاق 261 – 283
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ *فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ 278
دعاء بالإعانة على تطبيق نظام الحياة الإلهي:
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ 285
خلاصة:
المسلم مسؤول عن الأرض، ونظام الحياة الإلهي جاهز.
على الناس أن يدخلوا في السلم (دين الإسلام) كافة.
وهو:
الإيمان بالله الواحد الأحد الذي ليس له شريك ولا ولد، وعبادته وحده بلا وسيط.
نظام الحياة:
- طاعة الله
- تميز
- تقوى
عناصر النظام:
- تشريع جنائي
- مواريث
- إنفاق
- جهاد ضمن حدود قاتلوا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا.
- حج
- أحكام صيام
- تكاليف وتعاليم
لا بد للمسلم أن يستعين بالله على أداء هذا النظام ليستحق الإستخلاف في الأرض دون أن يقع في أخطاء الأمم السابقة.
فنفهم من جميع ما سبق أن القرآن الكريم ليس كتاب تاريخ لتُسرد الأحداث بالترتيب الزمني لها، إنما هو كتاب هداية، منهاج وشريعة.
ولقد تكلمت سورة البقرة باعجاز وبيان عن موضوع واحد وهو الاستخلاف في الأرض، وذكرت القصص التاريخية التي تخدم هذا الموضوع والأحكام والمنهج الذي يجب تطبيقه لخدمة هذه الغاية.
وأن الشبهة التي يروج لها البعض من أن مواضيع سورة البقرة لا تمت إلى بعضها بصلة ليس لها أساس من الصحة.
مرجع:
كتاب لماذا الدين ؟ رحلة من الذاكرة
فاتن صبري
الفكرة مقتبسة بتصرف من:
تدبر القرآن الكريم – الكلم الطيب