قال خالق الكون:

وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَاب.(المائدة:2)

وقال تعالى:

وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (القصص:77)

نفهم من هاتين الاتين الكريمتين أهمية الحفاظ على البيئة. وأهمية التعاون في هذا الصدد للحصول على حياة كريمة.

ولكن ما لفت انتبهائي مؤخرًا هو المطالبة بإلغاء إدراج المناهج الدينية في المدارس ورياض الأطفال في الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن التثقيف البيئي الذي يساعد على حماية المحيطات.

فأين حق خالق المحيطات؟

قال الخالق:

فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (قريش:3)

وكأن البشر اليوم يعبد الكون الذي هو (البيت)، ويتجاهل عبادة خالق البيت.

ما هي أولوية البشر اليوم؟

هل أولوية البشر حق خالق المخلوقات، أم حق المخلوقات؟

فقد أعلنت اليونسكو بمناسبة انعقاد مؤتمر قمة المحيط الواحد في بريست بفرنسا، عن تحدديها هدفًا لنفسها يتمثَّل في إدراج التثقيف بالمحيطات في المناهج المدرسية لدولها الأعضاء المائة والثلاث والتسعين بحلول عام 2025. وتقوم وكالة الأمم المتحدة، سعيًا لتحقيق هذا الهدف، بإتاحة مجموعة أدوات موجهة لصانعي القرار، تتضمن إطارًا مرجعيًا مشتركًا للمحتوى التعليمي عن المحيطات.  

سيتم تنظيم المؤتمر بدعم من حكومتي البرتغال وكينيا، وسيكون بمثابة دعوة إلى العمل من أجل المحيط، حيث يحث قادة العالم وجميع القطاعات ذات الصلة على تعزيز الطموح، وحشد الشراكات وزيادة الاستثمار في النهج العلمية والمبتكرة لعكس اتجاه التدهور في صحة المحيطات. كما سيكون نداءً صريحًا للمجتمعات والشركات والأفراد للقيام بدورهم للحد من التلوث البحري والالتزام بالاستهلاك المسؤول لموارد المحيطات.

فتعجبت وقلت في نفسي:

لماذا عندما يتحدث العالم عن أفضل حل لإنقاذ المخلوقات من محيطات ونباتات وحيوانات، فإنه لا يتحدث عن أفضل حل لإنقاذ البشرية بعد الموت، ويُروجون لصلاحية جميع الحلول وهي الأديان التي اخترعها البشر على الرغم من عدم منطقيتها.

لهذا فأنا دائمًا أركز  في محاضراتي وحواراتي مع  المسلمين وغير المسلمين على أهمية المفهوم الحقيقي للخالق، والذي تشوه في جميع ديانات الأرض ما عدا في الإسلام، الديانات التي جعلت الخالق كالبشر له ولد، يتعب، يجهل، يندم ويتحسر، وانتهت بوحدة هذا الخالق مع المخلوق، وجعل الخالق  يظهر في حشرة أو شجرة أو حيوان أو إنسان. الأفظع من ذلك أن جعلوا الخالق هو الخطيئة نفسها، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا

ومع كل هذا التجرأ على حق الخالق فإنهم ينادون بصحة كل هذا العقائد المنتهكة لحقه تعالى، وينادون بتجاهل إدراج التثقيف بما يتعلق بالدين الصحيح في المناهج الدراسية، والذي يقود إلى معرفة الدين الصحيح.

ومن أكثر ما آثار تعجبي واستيائي خلال تجوالي حول العالم أنني وجدت أن كل ما يعرفه غير المسلم عن المسلم هو أنه يصلي ٥ مرات باليوم ويزكي ويصوم، لكن لا يعرف أن المسلم يؤمن بجميع الأنبياء من آدم إلى محمد بما فيهم المسيح وموسى عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

وهذا بالتأكيد ما يعزز الفرقة والفجوة بين البشر ويجعل الدين عائقًا أمام تحقيق السلام.

معرفة الدين الصحيح تؤدي إلى نعيم أبدي، والاهتمام بحقوق المخلوقات لن يحمي المخلوقات من فناء حتمي.

هل ستدوم الحياة على وجه الأرض حتى نقضي ما تبقى من أعمارنا نبحث عن حلول لإنقاذ ما سوف يفنى؟

يتوقع العلماء أن سرعة توسع الكون تتباطئ مع الزمن، إذ تشير الحسابات الرياضية إلى أن التمدد بعد الانفجار الكبير كان بمعدلات أعلى بكثبر مما هي عليه الآن، ومع تباطؤ سرعة التوسع ستتفوق قوة الجاذبية على قوة الدفع إلى الخارج فيؤدي ذلك إلى اندفاع المجرات و المادة و الطاقة نحو مركز مفترض للكون، كذلك يتجمع الزمكان في هذه النقطة فتنحسر الأبعاد وتتجمع في نقطة واحدة متناهية في الصغر يعود الكون إلى الحالة الأولى.

وهذا ما يعرف بالانسحاق الكبير.

الانسحاق الشديد أو الانسحاق الكبير (بالإنجليزية: Big Crunch)‏ في علم الكونيات المادية عكس عملية الانفجار العظيم، هي أحد السيناريوهات المحتملة لمصير الكون، والتي تفرض أن التوسع الحاصل للكون بسبب طاقة الانفجار الكبير ستتبدد وتنتهي بعد مدة من الزمان وستبدأ طاقة الجذب المركزية في لملمة أطراف الكون إلى أن يعود كتلة واحدة صغيرة في الحجم عالية الكثافة والكتلة.

بناءً على ذلك إذا افترضنا أن هذه الحياة عِبارة عن سَفينة غارقة برُكابها لا مَحالة حسب هذه الدراسات، فما الهدف من توفير وسائل الراحة على سطح هذه السفينة.

قال الخالق:

يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (الأنبياء:104)

إن الحقيقة مطلقة شئنا أم أبينا، والدين واحد، وهو:

  • الاعتراف بخالق الكون الذي ليس له ولد ولا شريك، وأنه هو المعبود الحق، والذي لا يتجسد في صورة إنسان ولا حيوان، ولا يتحد مع مخلوقاته. وعلى الجميع التواصل مع هذا الخالق مباشرة وليس من خلال قديس ولا  قسيس، ولا من خلال نبي الله محمد ولا من خلال أي فرد من آل بيته.
  • ويجب على البشر الإيمان بجميع أنبياء الله من آدم إلى محمد بما فيهم المسيح وموسى عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
  • ويجب اعتماد المساواة بين البشر ، فلا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى.
  • والاعتراف بيوم آخر يحاسب الخالق فيه البشر على أعمالهم.

ونستطيع أن نحصل على دين عالمي بهذه الطريقة فقط.

ولهذه النقاط الثلاث يجب أن تُعقد المؤتمرات، ويُعد لها التحضيرات أولاً قبل أي شئ آخر، لأن فيها انقاذ البشرية من عقاب أبدي قد أعده الخالق لمن أنكر حق الخالق من البشر، وتجاهل أوامره ونواهيه.

ولكن ما هي أوامر الخالق ونواهيه؟

تتمثل أوامر الخالق ونواهيه في هذه الآية الكريمة:

قال تعالى في سورة الأنعام:

قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)

تبدأ الآية بحق الخالق ثم بحقوق المخلوقات.

وهذا المنهج الذي يجب أن يسير عليه جميع البشر.

وقال الخالق أيضًا:

وَلاَ تفْسِدوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعوه خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيب مِّنَ المحْسِنِينَ. ( الأعراف:55)

نفهم من هذه الآيات الكريمة أن ممارسة الدين الصحيح تحمي المجتمع والبيئة من جميع أنواع الفساد.

فالإنسان هو المكلف الوحيد من بين المخلوقات والذي لديه حرية الاختيار بين الخير والشر.

والتكليف هو جوهر مهمة الإنسان في هذه الحياة.

قال الخالق:

الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (الملك:2)

والدين الصحيح هو الذي يشرح للإنسان ما هو خير وما هو شر ليقوم هو بالتالي لفعل الخير وتجنب الشر مستخدمًا عقلانيته، ومستخدمًا هذه الحرية التي مُنحت له.

وكلما ابتعد البشر عن الدين الصحيح وزاد جهله به كلما زاد الخطر على المجتمع والبيئة، وازدادت نسبة التلوث وازدادت نسبة الجريمة.

وهذا ما نلاحظه الآن من انتشار الفساد والجرائم، وشباب لا يعرف أولوياته، ولا يحدد هدف لحياته.

فالحل لمشكلة العالم اليوم ليس باقصاء الدين عن المناهج الدراسية، ولا باعتماد صحة جميع الأديان، وإنما الحل هو بمعرفة الدين الصحيح، وممارسته من قبل الجميع، و إدراج الدين الصحيح في المناهج الدراسية.

وإن أصر بعض البشر على ممارسة دينه الخاطئ، فعلينا في هذه الحالة احترام حرية اختياره، ومعاملته بالحسنى، وعدم ظلمه وعدم بخسه حقه، وعدم قتله أو الاعتداء على حقوقه. ولكن من دون اعتماد دينه الخاطئ على أنه دين صحيح.

أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ… فَكَأَنَّمَا.قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ…  (المائدة:32)

وقال تعالى:

وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (البقرة:190)

وهكذا نستطيع أن نحصل على التعايش السلمي بين البشر، وليس باعتماء عقائد خاطئة على أنها صحيحة.

  • فالدين الصحيح دين واحد. وهو عبادة الخالق الواحد الأحد من دون ثالوث ولا وسيط ولا حجر أو حيوان.
  • والإيمان بأنه الواحد الأحد الذي لا يأتي إلى الأرض في صورة إنسان أو حيوان ، وليس له ولد.

ولنبدأ بمؤتمر معرفة الدين الصحيح قبل مؤتمر المحيطات.

فللمحيطات رب يحميها.


مواضيع ذات صلة:

ar
ar
ar

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *