كان مما قرأت:
عندما وصلت صوفي بترونين (75 عاما) -آخر رهينة فرنسية- وبعد 3 سنوات و9 أشهر من الاحتجاز في صحراء جمهورية مالي؛ توقع الجميع رؤية امرأة منهارة، سعيدة بالرجوع إلى عائلتها شاكرة لكل من أسهم في إطلاق سراحها، إلا أنها جاءت على عكس التوقعات، فقد غيرت اسمها إلى مريم واعتنقت الإسلام، وشكرت آسريها، وقالت إنها ستدعو الله لمالي.
بهذه الجمل، لخصت مجلة “لوبس” (L’Obs) الفرنسية كتابًا وصفته بالمثير لمراسل إذاعة فرنسا الدولية وقناة فرنسا 24 السابق في مالي أنتوني فوشار الذي قال -متأسفًا لما حل بهذه المرأة الإنسانية التي أمضت 25 عاما في مالي ترعى الأيتام والفقراء- إنها رفضت تسمية مختطفيها بـ”الجهاديين”، وتحدثت عن رغبتها بالعودة في أسرع وقت ممكن إلى مالي حيث تركت ابنتها بالتبني.
غير أن الأدهى والأمر -في نظر ناتاشا تاتو التي استعرضت الكتاب- هو أن هذه العجوز السبعينية التي بذلت الدولة الفرنسية في سبيل تحريرها الكثير، وأطلقت مقابلها العشرات ممن سمتهم “الجهاديين”، لم توجه أية كلمة شكر لبلدها ولم تبد أي تعاطف مع الجنود الفرنسيين المشاركين بعملية برخان في الساحل الأفريقي، الذين قُتل 50 منهم في هذه المنطقة على أيدي الجماعات المسلحة، بل إنها تساءلت أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -الذي جاء للترحيب بها- عن دور هؤلاء الجنود في العثور عليها، منبهة إلى قضية شعب الطوارق المهمة بالنسبة لها.
وتساءلت المجلة هل ما فعلته صوفي بترونين عقوق أم أنها مصابة بـ”متلازمة ستوكهولم” أم أنها ببساطة فقدت عقلها أثناء أسرها في الصحراء؟ وأشارت إلى أن صورها التي كانت تتردد على القنوات الإخبارية وجملها القصيرة، جعلتها فجأة تصبح الرهينة التي يكرهها الجميع في فرنسا، وخاصة شبكات الجماعات المتطرفة.
وهذه القصة ما هي إلا قصة من آلاف قصص إسلام أسرى المسلمين، و قساوسة ومبشرين أفنوا حياتهم في محاربة الإسلام وانتهى بهم المطاف إلى الإسلام.
فلماذا كل هذا الإعجاب بالإسلام كعقيدة، والإعجاب بالإسلام كمنهج أخلاقي؟
المسلم يعبد خالقه مباشرة، فهو لا يعبد شجرة ولا حجر، ولا يعبد إنسان ولا حيوان، وينزه الخالق عن فكرة التجسد في أحد مخلوقاته، وينزه الخالق عن أن يكون له شريك في الملك أو ولد، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا، ويلجأ المسلم الحق إلى خالقه مباشرة وليس من خلال قديس ولا قسيس، ولا يلجأ لقبور الأولياء، ولا يسأل ويطلب المغفرة من الرسول ولا من أحد من آل بيت الرسول.
وخير مثال على المنهج الأخلاقي المتميز هو معاملة أسرى الحروب في الإسلام ومحاربة العبودية.
نظام عبودية منذ بداية البشرية:
إن كثيرًا من المغالطات التي تذكر في موضوع الرق والسبايا كانت بسبب عدم إدراك طبيعة المجتمعات البشرية قديمًا أيام وجود الرق، والتي تجاهلها الملحد الذي ينادي بنسبية الأخلاق، عندما يروج لهذه الشبهات ضد دين الإسلام، والتي تجاهلها النصارى واليهود أيضًا مع أن نصوص العهد القديم تعج بقصص القتل والأسر والذبح بلا رحمة بأمر من الرب حسب ما يعتقدون. ثم لعدم العلم بأحكام الشريعة الإسلامية وعظمتها في معالجة قضية الرق.
ومثال بسيط على ذلك، أنه إذا افترضنا أن جاء شخص لينهي نظام فوائد البنوك في يوم وليلة مثلاً، هل يستطيع؟ بالطبع لا.
فنظام العبودية كان بما يشابه نظام الفوائد اليوم والذي لا يكمن التخلص منه إلا تدريجيًا.
قال ملحد فرنسي يومًا:
الإسلام دين لا أخلاقي، فكيف يبيح الإسلام الرق، والاستعباد؟
قلت له:
أنت ملحدٌ تؤمن بنسبية الأخلاق، وتؤكد نسبية الأخلاق- مع رفضنا الكامل لها كمسلمين- على أن الأخلاق لا تقوم على أي مبدأ مطلق. بل تعتمد “الحقائق” الأخلاقية على متغيرات مثل المواقف، أو الثقافة، أو المشاعر…الخ. فمن المفترض منك كملحد أن تتقبل موضوع الأسر على أنه أمر متعارف عليه في ذلك الزمان، وقد عرف البشر نظام الأسر على مدى العصور والأزمان. ثم ما الذي يجعلك تتحدث عن الأخلاق في سياق إلحادي؟ وما نحن إلا حيوانات متطورة بالنسبة لعقيدتك، فمن المفترض أن يكون هذا كافتراس أسد لحمار وحش أمر ضروري لاستمرار الطبيعة وضرورة البقاء بناءً على معتقداتك؟
وقد اختصر القرآن الكريم موضوع الأسر بقوله تعالى:
{فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء}
أي إما تمنون عليهم وتطلقوا سراحهم، أو تبادلونهم بأسراكم لدى عدوكم.
أما ملك اليمين فهو عقد بالتراضي للأسيرة اليهودية أو النصرانية التي لا تريد أن تفدي نفسها بقسط زهيد من المال وفضلت البقاء، ولم يفدها أحد من أهلها.
وهذا العقد شبيه بعقد الزواج إلا أنه يختلف في شرط واحد وهو اختيار المرأة من تشاء للزواج به، فالأسيرة لا يحق لها هذا الشرط لأنها شاركت في جيش العدو. ولكن يحق لها أن ترفض العقد بالكامل.
ولا ينطبق هذا الحال مع أي أسيرة من ديانة أخرى غير المسيحية واليهود ية، فالأسيرة من الديانات الوثنية لا يستطيع المسلم الاقتراب منها ولا بأي حال من الأحوال، وهذا أكبر دليل على عدم عبثية المسلمين في معاملتهم للأسيرات.
و قد وضع الاسلام بهذا العقد حجر الأساس لتحرير الرق.
ونسرد هنا بعض النقاط المهمة لشرح هذه النقطة.
التميز في معاملة الأسرى:
أمر محمد عليه الصلاة والسلام أصحابه بأن يُلبسوا الأسرى مما يلبسون ويُطعموهم مما يأكلون، وبأن يقدموا الأسرى على أنفسهم في الطعام.
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴿٨﴾ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴿٩﴾” (قرآن 76: 8-9)
ويأمر المسلمين بإظهار الرحمة لهؤلاء المقاتلين الذين يستسلمون.
“وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ”(قرآن 9 : 6)
فإن أراد الأسير البقاء على دينه بعد سماعه للقرآن فعلى المسلم أن يعطيه الأمان.
نجدة من العبودية:
كانت العبودية قبل الإسلام نظامًا ثابتًا معمولاً به بين الشعوب كما ذكرنا، وكانت بلا قيود، فالذين لم يتمكنوا من سداد الديون يتحولون تلقائيًا عبيدًا للدائنين، وكذلك أسرى الحرب يتحولون عبيدًا مباشرةً، وفي بعض الدول والمناطق يتم اصطياد العبيد مثل الحيوانات، وكان العبيد سلعًا تجارية يتم بيعها وشرائها كأي بضاعة ومصدر عمل ورزق للآلاف من الناس وخاصة الطبقة الأرستقراطية، حيث يُعتبر عدد العبيد في الأسرة بمثابة رمزا لثراء ومكانة وقوة العائلة.
كان بإمكان الإسلام استخدام القوة للقضاء على ظاهرة العبودية والتي بلا شك ستؤدي إلى العداوة والبغضاء كما ستؤدي الى انهيار الاقتصاد المبني جزء كبير منه على تجارة العبيد،
لكن مكافحة الإسلام للعبودية كانت تهدف إلى تغيير نظرة وعقلية المجتمع بأسره، بحيث يصبح العبيد بعد تحريرهم كأعضاء كاملين فاعلين في المجتمع، دون الحاجة إلى اللجوء للمظاهرات أو الإضرابات او العصيان المدني أو حتى الثورات العرقية.
وتتضح أهمية التدرج في مكافحة العبودية من خلال معرفة ما حصل في الغرب، عندما تم الإعلان عن إلغاء مفهوم العبودية تمامًا دون تدرج لانتفاء الحاجة إلى العبيد واستبدالهم بالماكينات الحديثة، مات خلال عام ثلث العبيد، لأنهم لم يجدوا من يتكفل بهم ويرعى شؤونهم.
إن الإسلام استطاع أن يجفف منابع العبودية دون أن يضطر الى أن يلجأ إلي السيف أو سفك الدماء وفي نفس الوقت منع أي شكل من أشكال الاسترقاق أو العبودية.
مصادر العبودية قبل الإسلام كانت كالتالي:
- الأسرى في الحروب كان يتم تحويلهم إلى عبيد.
- الحاكم أو السلطان بحكم سلطته كان يستعبد من يشاء من الرعية.
- الأب أو الجد ومن له السلطة المطلقة على ذريته بإمكانه بيع أو إهداء أحد من ذريته أو استبداله بآخر لسداد ديونه.
الإسلام قام بتجفيف المصدرين الأخيرين كليةً. فلم يسمح للحاكم بمعاملة رعيته معاملة استرقاق. كما منح الإسلام كل من الحاكم والمحكوم حقوق وواجبات ضمن حدود الحرية والعدالة المكفولة للجميع.
في حين أنه قيد المصدر الأول للعبودية في الحروب التي تستدعي معاملة الاسرى بالمِثل مع الأعداء (راجعاً ذلك لولي الآمر).
غير أنه في نهاية المطاف يتم تحرير العبيد تدريجيا من خلال الكفارات وفتح باب الصدقات والمسارعة في الخير من خلال عتق الرقاب للتقرب لرب العالمين.
كانت الحروب المصدر الأساسي للاستعباد عندما خاض الغرب معارك الاستعمار، في حين أن الإسلام لم يسمح بالحروب الا دفع لعدوان، حماية وتأمين للدين، النفس والمال.
قال الله في سورة البقرك:
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)
وفي المعارك التي أُجبر المسلمون على خوضها كان النبي محمد يأمر أتباعه بمعاملة الأسرى بالحسنى، وكان بإمكان الأسرى الحصول على حريتهم من خلال دفع مبلغ من المال أو تعليم الأطفال على القراءة والكتابة. كما ان نظام الأسر في الإسلام لم يحرم طفل من أمه أو أخ من أخيه.
كما بدأ الإسلام حملة كبيرة لتحرير العبيد، من خلال تشريع عتق الرقاب في الكفارات. ومثال على ذلك عندما يفطر الصائم بدون عذر في رمضان فعليه عتق رقبة في بعض الحالات إضافة لتعويض الصيام في يوم أخر، وكذلك عتق رقبة في كفارة القتل الخطأ، وكفارة التحلل من الحلف او القسم، وكفارة الظِهار وغيرها من الكفارات.
هدف الإسلام التخلص من هذا النظام الممقوت بأسرع ما يمكن وبوسائل سلمية، فالمرأة التي تلد لسيدها لم تكن تُباع وكانت تحصل على حريتها تلقائيًا عند موت سيدها، وبخلاف جميع التقاليد السابقة فإن الإسلام شرّع أن يلحق ابن المرأة العبدة بأبيه فيكون حرًا، كما شرّع أن يشتري العبد نفسه من سيده من خلال دفع مبلغ من المال او العمل لفترة محددة.
“……. ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّـهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّـهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”(قرآن 24 : 33 )
فعندما يرغب العبد في تحرير نفسه فبإمكانه طلب ذلك من سيده من خلال عقد اتفاقية وعلى السيد الموافقة عليها لمساعدته في الحصول على حريته.
كما نص الإسلام على إمكانية مساعدة العبيد على تحرير أنفسهم من خلال الدفع من أموال المسلمون أو خزينة الدولة، حيث قدم النبي وأصحابه فدية لتحرير العبيد من أموال الخزينة العامة.
لقد أنسى الإسلام العبيد عبوديتهم، وقد حكم المماليك مصر حوالي ٦٠٠ عام، ووصلوا إلى مرحلة أنهم نسوا مفهوم العبودية، وعندما قام المغول باقتحام بلاد الإسلام، أراد المماليك جمع أموالاً من الشعب من أجل تجهيز الجيش، وإذا بسلطان العلماء ” العز بن عبد السلام” يقول للمالك عليكم فداء أنفسكم بدايةً، قبل أن تجمعوا الأموال، فأنتم لا زلتم عبيدًا، وإن كنتم حكامًا لمصر.
فعليكم أن تدفعوا أموالاً لتصبحوا أحرارًا وتستطيعوا جمع الأموال لتجهيز الجيش المسلم.
فيتضح انا هنا أنه ليس فقط أئمة الإسلام كانوا من العبيد، بل وقد نسوا أنهم عبيدًا من عظمة التشريع الإسلامي الذي لا يفرق بين عبد وسيد.
رحمة الإسلام بالمرأة:
من الأسئلة المتكررة من بعض المشككين اليوم هو سؤال
كيف يجيز الإسلام أن تُسبى المرأة؟
تخرج النساء إلى الحروب مقاتلات، أو مساندات وداعمات لقومهن المعتدين على المسلمين، فإن لم تُأسر يجب أن تُقتل، لأنها إن لم تُأسر أو تُقتل لسوف تُساهم في قتل المسلم. وهذا فقط في أرض المعركة.
كما حدث في أعقاب غزوة حنين، وقصة سبايا المعركة التي تدعى بسبايا أوطاس. وأوطاس هو وادي بين مكة والطائف الذي وقعت فيه الأحداث. ويجب أن نفهم هذه القصة في سياقها التاريخي.
سبايا أوطاس هن المقاتلات اللآتي خرجن مع الرجال المقاتلين لقتال المسلمين في أعقاب غزوة حنين التي تحالف فيها مشركوا قريش بعد فتح مكة مع قبائل هوازن وغيرها للقضاء على المسلمين، وعند انتصار المسلمين وأسر السبايا كان بإمكان أزواجهن دفع مبلغ رمزي للمسلمين واسترجاع نسائهم بناءً على تشريع إسلامي عظيم، وهذا ليس متاح ولا في أي قانون دولي إلا في الإسلام، ولو اهتم المشركون بنسائهم لدفعوا مبلغ رمزي للمسلمين واسترجعوا نسائهم، لكن هذا لم يحصل، إما لعدم مبالاة منهم، أو لموت الأزواج أو الآباء والأبناء في المعركة، وبقاء الأسيرات بلا أهل أو ولد، فتكفل المسلمون بهن وقبلن الإسلام، كما قبلت صوفي بطلة قصتنا الإسلام بلا إكراه، فأصبحن مسلمات لا يحق لهن الزواج إلا بمسلم.
إضافةً إلى ذلك:
السبي ينحصر في أرض المعركة كما ذكرنا وساحة القتال، فغير المسلم عندما يرفع السلاح في وجه المسلم يُقتل لأنه إن لم يُقتل فسوف يقتل هو المسلم حتمًا، بينما غير المسلمة المقاتلة تُسبى ولا تُقتل، لأن الإسلام لا يُجيز قتل النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ ولا أصحاب المهن الذين لم يأتون إلى ساحة المعركة لمحاربة المسلمين، وإنما لممارسة مهنهم مع أنهم من غير المسلمين، ومع أنهم في ساحة المعركة، فمن رحمة الإسلام بالمرأة ألا تُقتل -لأنها ضعيفة ولا تباشر قتل المسلمين في الغالب- بل تُسبى حتى يتم فدائها بأسيرات المسلمين، أو العفو عنها وإعادتها لأهلها
{ فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها} ﴿٤﴾ سورة محمد.
وهذه الآية أكبر دليل على أن السبي يكون فقط في أرض المعركة.
هل يجوز سبي نساء غير المسلمين المقاتلين اليوم؟
- لو تم وضع قانون بعدم جواز سبي النساء والتزم به المسلمون وغير المسلمين – كما هو حادث الآن- فهنا لا يجوز للمسلم مخالفة القوانين والعهود، إلا لو بدأ العدو في المخالفة! وعليه تُحترم كل العهود والمواثيق التى تمنع السبي فى الحروب الآن،
- عند المسلم قواعد شرعية ثابتة، فلو عامله عدوه بشىءٍ غير جائز فى شرعه لا يرد عليه بالمثل، كالتمثيل بجثة الميت على سبيل المثال.
- في فترة حرب البوسنة كان المجرمون الصرب يغتصبون المسلمات البوسنيات، ومع ذلك لم يُجز علماء المسلمين للمجاهدين في ذلك الوقت سبي نساء العدو.
- على المسلم أن يلتزم في مقاتلة عدوه بسلاحه هو، فلا يجوز له أن يقتله بسلاح فتاك يقضي على الجميع على سبيل المثال، وإنما عليه أن يقاتله بنفس سلاحه
{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين} ﴿١٩٤﴾ سورة البقرة.
الفرق بين الاغتصاب، الزنا، وملك اليمين:
- تعريف الاغتصاب:هي عملية يقوم بها شاب أو بعض شباب بإعتداء جنسي على امرأة وقد يكون مع هذا الاعتداء الجنسي اعتداء جسدي من ضرب مبرح.
- تعريف الزنا: هي علاقة غير شرعية حرمها الدين قد تفعلها امرأة مع أكثر من شاب أو شاب يفعلها مع أكثر من امرأة وفيها أضرار كثيرة منها اختلاط الأنساب والابن يكون غير معترف به.
- تعريف ملك اليمين: هي امرأة وقعت في الأسر في أرض المعركة بين الجيش المسلم وغير المسلم فعوضًا عن قتلها لأنها محاربة تصبح ملكة يمين، وهناك عدة أمور يلتزم بها المسلم في هذه الحالة.
- إطعامها قال تعالى: ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا
- إن وُجد أسرى مسلمين عند غير المسلمين فيلجأ المسلمون لعملية تبادل الأسرى، وقد فعل ذلك رسول الله كما جاء في صحيح مسلم
- إذا أراد المسلم ترك الأسيرة فله ذلك، وسمح الله بذلك في القرآن الكريم.
أعطى الله الحق للأسير سواءً كان رجلاً أو امرأة أن يحرروا أنفسهم، وهذا لم يوجد على مر التاريخ إلا في الإسلام فقط، فلم يوجد في أي أمة قبل الإسلام، ولا في المعاهدات الدولية اليوم، وهي ما تسمى بالمكاتبة، وهي أن يطلب الأسير أن يتركه سيده لأن يذهب للعمل ويأتي بمبلغ فديته للذي أسره ويكون حرًا.
لقوله تعالى:
وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا
وإذا أصبحت الأسيرة ملكة يمين لأحد من المسلمين لعدم رغبتها في فداء نفسها، و في حال لم يأت أحد من أفراد أسرتها لفدائها، فيكون التعامل كالتالي
- لا يقذفها ظلم، قال َ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قذف مملوكه، وهو بريء مما قال، جلد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال» [رواه البخاري].
- اذا قتلها يقتل قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ» [مسند أحمد.
- لا يقول لها ياعبدة. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي، كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلَامِي وَجَارِيَتِي وَفَتَايَ وَفَتَاتِي» [رواه مسلم]
- أن يعطيها جميع حقوقها ولا يتعبها في أشغال البيت، وعليه إعانتها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليكسه مما يكتسي، ولا يكلفه ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه» [رواه البخاري وأبو داود].
- أن يطعمها بيده، قال عليه الصلاة والسلام: «إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين، أو أكلة أو أكلتين، فإنه ولي علاجه» [رواه البخاري].
- قد وصى بهم الله عز وجل قال تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} [سورة النساء: 36].
- لا يضربها، وإذا ضربها فعليه كفارة، وهي عتقها لتصبح حرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من لطم مملوكًا له أو ضرَبه؛ فكفارتُه أن يُعتِقَه.
- عورة الأسيرة كعورة المرأة الحرة، فقد قال ابن حزم، “إن الأمة كالحرة لأن الطبيعة واحدة والخلقة واحدة” .
ماذا قال علماء المسلمين عن اغتصاب ملكة اليمين؟
لقد قال علماء المسلمين بوجوب إقامة حد الزنا على من يغتصب ملكة اليمين، ولن تبقى معه هذه المرأة بعد فعلته.
قال الإمام الشافعي في كتابه الأم ج3 ص251 اذا اغتصب الرجل الجارية ثم وطئها بعد غصبها وهو من غير أهل الجهالة أخذت منه الجارية والعقر وأقيم عليه حد الزنا.
تكافأ دماء المسلمين أحرارًا كانوا أم عبيدًا:
يدعى البعض أن الآية القرآنية التي تقول الحر بالحر والعبد بالعبد هي أكبر دليل على همجية الإسلام واقراره بالعبودية.
{ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى} } [البقرة:178].
لكن في الواقع إن معرفة سبب نزول هذه الآية يدحض الشبهة تمامًا.
فقد اقتتل حيين من العرب قبل الإسلام، فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر فإذا مات من عندهم عبد لا يرضوا حتى يُقتل بالعبد منهم الحر من الآخرين.
هذه الآية يبين فيها أن المفترض قتل القاتل وحده، وأن لا يتعدى القتل إلى غيره، فيقتل الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى للأنثى. وليس المقصود من الآية أن الأنثى لا يقتل بها الذكر، فقد أجمع أهل العلم على أن الرجل لو قتل امرأة فإنه يقتل بها. إذاً: الآية ليست على ظاهرها الذي يفهم، وإنما يفهم معناها بمعرفة سبب نزولها، وهو أنه لا يقتل إلا القاتل.
ولكن الله أنزل الآية الحاسمة للقضية من سورة المائدة والتي تقول:
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)
أما عن ماذا يحدث إذا قتل شخص حر أحد العبيد فيقول الله عز وجل:
{ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا }
وما ثبت في الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم أخو المسلم، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، وأن المسلمين تتكافأ دماؤهم
السبي في العهد القديم:
وردًا على من يروجون الشبهات حول موضوع السبى فى الإسلام من اليهود والنصارى اليوم فنقول:
لقد أقر العهد القديم قتل الرجال وسبي النساء والأطفال وأعمال السلب والنهب والحرق والتخريب. مما يجعل المقارنة سهلة جدًا بين القرآن الكريم الذي قال وقاتلوا الذين يقاتلكونكم ولا تعتدوا، وأباح الأسر في أرض المعركة فقط، وبين أمر واضح في العهد القديم بالتخريب والقتل والأسر الجماعي لجميع سكان المدينة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر:
“فَتَجَنَّدُوا عَلَى مِدْيَانَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُلَّ ذَكَرٍ. وَمُلُوكُ مِدْيَانَ قَتَلُوهُمْ فَوْقَ قَتْلاَهُمْ: أَوِيَ وَرَاقِمَ وَصُورَ وَحُورَ وَرَابعَ. خَمْسَةَ مُلُوكِ مِدْيَانَ. وَبَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ قَتَلُوهُ بِالسَّيْفِ. وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ، وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُلَّ أَمْلاَكِهِمْ. وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ. وَأَخَذُوا كُلَّ الْغَنِيمَةِ وَكُلَّ النَّهْبِ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، وَأَتَوْا إِلَى مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَإِلَى جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَالْغَنِيمَةِ إِلَى الْمَحَلَّةِ إِلَى عَرَبَاتِ مُوآبَ الَّتِي عَلَى أُرْدُنِّ أَرِيحَا”. (العدد 7:31-12)
وفي (سفر التثنية 21: 10)
«إِذَا خَرَجْتَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ، وَسَبَيْتَ مِنْهُمْ سَبْيًا 11 وَرَأَيْتَ فِي السَّبْيِ امْرَأَةً جَمِيلَةَ الصُّورَةِ، وَالْتَصَقْتَ بِهَا…
مثال على فداء الأسيرة لنفسها في الإسلام:
كانت جويرية رضي الله عنها زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام ضمن سبي بني المصطلق، وكان قد قُتل زوجها في هذه المعركة، فأرادت فداء نفسها لكونها أبية وسيدة نساء قومها،
ولم يكن معها ما كاتبت عليه، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعينها على ذلك، فرد عليها بما هو أفضل؛ إذ عرض عليها الزواج منها وقضاء مكاتبتها، فأجابت بالقبول وأسلمت وحسن إسلامها.
وروى ابن سعد في “الطبقات” أنه لما وقعت جويرية بنت الحارث في السبي، جاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
إن ابنتي لا يُسبى مثلها؛ فأنا أكرم من ذاك، فخلِّ سبيلها.
فقال رسول الله:
«أَرَأَيْتَ إِنْ خَيَّرْنَاهَا أَلَيْسَ قَدْ أَحْسَنَّا».
قال:
بلى، وأدّيت ما عليك.
فأتاها أبوها فقال:
إن هذا الرجل قد خيّرك فلا تفضحينا.
فقالت:
فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كلمة أخيرة:
يتسائل الكثير ويقول: ولكن بعض السلف الأوائل سبوا واستعبدوا.
فنقول بدورنا:
أن من يفعل ما هو مرفوض اليوم أخلاقيًا، يكون ذلك وفقًا لأعراف زمانهم وليس اتباعًا لتعاليم دينهم.
مرجع:
كتاب لماذا الإسلام ؟
فاتن صبري
Www.aljazira.net