من ضمن النقاط التي يطرحها بعض المنكرين لوجود خالق للكون هي: إن كان عليهم الإيمان بإله واتباع دين وكتاب مقدس لهذا الدين، فأي إله وأي دين وأي كتاب عليهم أن يؤمنوا به.
إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ (22) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (النحل:23)
إن الإيمان بالخالق يجب أن يكون بيقين كامل وليس قائمًا على احتمالات، وهو الخالق للكون وما يحتويه، الواحد الأحد الذي ليس له شريك في ملكه وليس له ولد. ولا يتجسد في صورة صنم أو بشر أو حيوان. الخالق الذي يلجأ إليه جميع البشر في الضراء شاؤوا أم أبوا، بقصد أم بغير قصد.
وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ (البقرة:136)
يحث المناصرون لنظرية رهان باسكال الشهيرة أتباعها على الإيمان بإله في جميع الأحوال.
رهان باسكال ينص على:
- إن آمنت بالله وكان الله موجوداً، فسيكون جزاؤك الخلود في الجنة، وهذا ربح لامحدود.
- إن لم تؤمن بالله وكان الله موجوداً، فسيكون جزاؤك الخلود في جهنم، وهذه خسارة لامحدودة.
- إن آمنت بالله وكان الله غير موجود، فلن تُجزى على ذلك، وهذه خسارة محدودة.
- إن لم تؤمن بالله وكان الله غير موجود، فلن تُعاقب لكنك ستكون قد عشت حياتك، وهذا ربح محدود.
فيقول الملحد إن أردت تطبيق هذه النظرية، فأي إله يجب عليّ أن أعبد: المسيح إله النصارى، أم كريشنا إله الهندوس، أم يوذا إله البوذيين أم إله المسلمين؟
فنقول له: عليك أن تؤمن وتعبد من يلجأ إليه الجميع في الضراء، خالق بوذا وكريشنا والمسيح وجميع البشر، الذي خلقك ويتوفاك عند الممات. إن فاقد الشيء لا يعطيه، فهل يعقل أن يساوى بين الملك وعامة الشعب في الطلب؟
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (يونس:104)
والملحد مؤمن شاء أم أبى، ولكنه يُظهر الكفر ويبطن الإيمان ظلمًا وعلوا.
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (النمل:14)
على سبيل المثال: عندما يدرك ركاب طائرة سقوطها الحتمي، فعلى اختلاف دياناتهم وطوائفهم يتوجهون إلى القوة التي في السماء لنجدتهم بما فيهم الملحدين، وفي هذه اللحظة يكونوا قد توحدوا على دين الاسلام، لكن عندما يتيقنوا من نجاتهم فإنهم يعودون إلى اتخاذ الوسطاء ليتفرقوا من جديد.
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (العنكبوت:65)
ويؤكد القرآن على أن التصريح بعدم الإيمان بخالق للكون ما هو إلا عنادًا واستكبارا.
إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (غافر:56)
فكما توجه الجميع نحو الخالق مباشرة في الضراء، فكان لا بد لهم التوجه إليه مباشرةً في السراء والضراء، وهذا هو الإله الذي يدعو دين الإسلام لعبادته، وللإيمان بخاتم رسله محمد عليه الصلاة والسلام، والإيمان بكتابه المقدس وهو القرآن الكريم.
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة:136)
كما أنَّ العديد من الأنبياء والرُّسل الذين أرسلهم الخالق للأمم المختلفة، ذُكرت أسمائهم في القرآن الكريم (مثل المسيح، موسى، إبراهيم، نوح، داود، سليمان، إسماعيل، إسحاق ويوسف، إلخ….)، هناك آخرون لم يُذكروا. فليس من المستبعد كون أصل بعض الرموز الدينية المقدسة في الديانات الوضعية أنبياء قد عبدتهم أقوامهم وقدستهم على مر الزمن من دون الله. كما فعل قوم نبي الله نوح عندما قدسوا وعبدوا الصالحين منهم.
“وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ …” (النساء :164)
مرجع:
كتاب الإلحاد- إعلان نجاح أم فشل
فاتن صبري