من أعجب الشبهات التي تثار حول مصداقية القرآن وكونه كلام الله من عدمه، هي شبهة: مغيب الشمس في يئر.
جاء في سورة الكهف: 83-86
” وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي القَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً إِنَّا مَكَّنَّا لهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً “.
فيسألون: إذا كانت الشمس أكبر من الأرض مليونًا وثلاثين ألف مرة، فكيف تغرب في بئر رآها ذو القرنين ورأى ماءها وطينها ورأى الناس الذين عندها؟
واعتبروا هذه الآية الكريمة من أكبر الأدلة على تناقض مزعوم بين القرأن و اكتشافات العلم الحديث.
فهذه الشبهة يروج لها الملحدون وغيرهم، وقد وصل بهم العجز عن التفكير وغشاوة البصيرة لدرجة تجاهل لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم، وتجاهل فكرة الربط بين ظاهرة غروب الشمس في عين حمئة، وظواهر غروب الشمس الجميلة الأخرى على كوكب الأرض.
دعونا نرى ماذا أقصد من هذه المقدمة.
غروب شمس اوميغا:
من ضمن ما قرأت يومًا:
“إذا كنت تقيم في منطقة ساحلية في اليابان، في الفترة ما بين أواخر الخريف وأوائل الربيع، قد يكون لديك فرصة لتجد الشمس على شكل الحرف اليوناني أوميغا (Ω)، مرتين في اليوم، عند شروق الشمس أو غروبها.
وتحدث هذه الظاهرة عندما تكون مياه البحر أكثر دفئًا من الهواء، حيث يقوم الماء بتسخين طبقة الهواء السفلى الملامسة للمياه، مما ينتج فرقًا في درجة الحرارة بين الماء والهواء، وبالتالي تتشكل طبقة تشبه السراب، لتعطي الشمس شكل حرف أوميغا.
وينتظر سكان مدن يابانية عدة ظهور الشمس على هذه الصورة للاستمتاع بالمشهد الذي يتكرر سنويًا، ويجذب أنظار الآلاف من السكان، لا سيما أولئك الذين يقطنون على السواحل اليابانية”.
غروب شمس داروما:
يُطلق على غروب الشمس على شكل أوميغا الغريب هذا اسم غروب داروما أيضًا، بسبب الصورة الظلية التي تخلقها الشمس وهي تغوص تحت الأفق على شكل رأس فوق جسم مستدير. يبدو هذا تمامًا مثل دمية داروما حمراء زاهية (تعويذة تنتشر في معابد اليابان) تطفو على المحيط!
وجدها تغرب في عين حمأة:
جاء في سورة الكهف 83-86:
” وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي القَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً إِنَّا مَكَّنَّا لهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً “.
العين الحمئة هي الماء الشديدة السواد بسبب اختلاطه بالطين الأسود، فيتحوَّل هذا الماء إلى وحل شديد السواد.
إنّ غروب الشمس في عين حمئة هو كناية عن النور أو الضوء الذي يدخل (يغرب) في ماء شديد السواد من دون استطاعته الخروج منه.
وهذا يعني أنّ نور الشمس (الألوان) ينحصر أي ينحبس في السواد (اللون الأسود).
القرآن الكريم لم يقل إن الشمس تغرب في عين حمئة، بل نقل وصْف ذي القرنين لمشهد غروب الشمس.
ولهذا قال: (وَجَدَهَا) ولم يُخبر بذلك على أنه حقيقة كونية.
فلفظة (وَجَدَهَا) هنا سر الإعجاز القرآني، فإن الآية الكريمة لا تقرر حقيقة مغرب الشمس حتى يقال إنها خالفت العلم.
وإنما تصف الآية حالة قائمة بشخص مع كما يقول القائل:
نظرت إلى السماء فوجدت الكواكب “كل نجم كالشرارة” . فهذا صحيح في ما رأت عيناه، لا على الحقيقة.
ولو كان القرآن كلام إنسان في ذلك الزمن، لجعلها حقيقة مقررة مفروغًا منها، ولقال: كانت الشمس تغرب.. الخ
الشمس تغرب خلف الجبل:
فالآية الكريمة ليست مطلقة المعنى، بل مقيدة بشخص ذي القرنين.
وما قال ذو القرنين ليس فيه ما يخالف العقل، لأنك إذا كنت متجهًا غربًا، وأمامك جبل، فإنك سوف تجد الشمس تغرب خلف الجبل. بالطبع لن يفهم أحد من ذلك أن الشمس تختبئ حقيقة خلف الجبل.
هناك ظاهرة اسمها خداع العمق Depth perception
هذه الظاهرة تحدث في حالات كثيرة، وبخاصة عند رؤية الأجسام البعيدة.
على سبيل المثال:
نحن عندما نراقب سفينة تبتعد عنا حتى إذا وصلت إلى خط الأفق نراها وكأنها تغرق في البحر مع أنها تبتعد عنا فقط.
وإن كان الذي أمامنا بحيرة، فسنجد الشمس تغرب في البحيرة.
سبب هذه الظاهرة هي أن الدماغ لا يستطيع أن يدرك البعد الثالث أو العمق من على مسافات كبيرة، فيرى المنظر وكأنه ثنائي الأبعاد. مثلاً عندما ننظر إلى النجوم في السماء لا نستطيع التمييز بين الأبعد والأقرب على الرغم من أن المسافات التي تفصلنا عنها تقدر بمليارات الكيلومترات، إلا أننا نراها جميعًا على مستوى واحد.
إذَا رؤية ذو القرنين للشمس وكأنها تغيب في الماء عبارة عن ظاهرة مشابهة لظاهرة شمس أوميجا التي تبدو للناظرين على أنها حرف أوميغا اليوناني، أو على شكل تعويذة شهيرة تنتشر في معابد اليابان.
ثم إن غروب الشمس أصلاً لا يعني دخولها في الأرض حتى في تعبيرنا الحالي.
وفي لغة العرب: غربت الشمس، وغربت القافلة، وغربت السفينة تأتي بمعنى واحد، وهو: اتجهت غربًا.
فعندما نقول: غرب طير في البحيرة، وغربت الطائرة في المحيط، وغربت السفينة في البحر، وغربت الشمس في البحيرة. يعني اتجهت غرباً ـ بالنسبة للشخص الذي ينظر إليها ـ ولا يعني أنها دخلت في البحيرة.
وهذا ما يصرح به علماء المسيحيون أنفسهم.
فقد قال القس منسي يوحنا معقبًا على وقف الشمس ليشوع (كما ورد في يشوع 10/12-13):
“الكلام بحسب مقتضى الظاهر، والفلكيون المحدثون القائلون بدوران الأرض يقولون: أشرقت الشمس وغربت؛ لأن في ذلك اختصارَا وبيانِا للناظرين، وإلا لاضطررنا أن نقول معبرين عن غروب الشمس: دارت الأرض حتى بعُد مكاننا عن الشمس، فحُجبت عنا الشمس لكروية الأرض” .
الخلاصة:
نستنتج من جميع ما ذكر، أن الشبهة التي يروج لها المغرضون لا أساس لها من الصحة، وأن القرآن الكريم معجز في لغته وفي حقائقه الكونية، والتي سبق بها العلم الحديث بأكثر من 1400 سنة.
ورسالة القرآن الكريم خاتم الكتب السماوية الذي جاء بها خاتم الأنبياء والرسل هي رسالة جميع الكتب السماوية التي تسبقها وهي:
الإيمان بإله واحد أحد، الذي ليس له شريك أو ولد. وهو الخالق الذي ليس كمثله شيء، وعبادته وحده، بدون قسيس ولا قديس ولا حجر ولا صنم أو أي وسيط.
وكالة ناسا الأمريكية قالت حرفيًا أنها رصدت الشمس وهي تنزل في فوهة على سطح المريخ.
المصدر:
Sunset at Mars’ Gusev Crater (Spirit)