روبرت باول الممثل الذي لعب دور “يسوع” في فيلم “يسوع الناصري” (1977) طلب من الناس التوقف عن عبادته وكأنه يسوع الحقيقي.
قال روبرت:
فإنه من الشائع أن نرى العديد من المؤمنين بألوهية المسيح وهم يضعون صورًا ليسوع المسيح في كنائسهم ومنازلهم أو مكاتبهم. يستخدم البعض هذه الصور للصلاة، بينما يزعم البعض الآخر أنها تجلب لهم الحظ السعيد. لكن ما يغيب عن بال الكثير منهم هو أن الشخص الموجود على الصورة ليس كذلك، ولا يمكن أن يكون يسوع المسيح.
“أنا هنا لتصويب حقيقة كانت تغضبني لفترة من الوقت الآن أرى العديد من الأشخاص يلمحون إلى بعض الرجال البيض الوسيمين ليكونوا يسوع. من يعرف ما إذا كان أسود أم أبيض؟ لكن الأمر لا يتعلق بالألوان، إته خطأ متعمد في الهوية، يكاد لا يُغتفر”.
هل يقبل اﻹنسان أن يأتي من يغير بياناته في هويته الشخصية، فهو في هذه الحالة يصبح شخصًا آخر أصلاً.
وهذا أكبر دليل على أنه لابد للإنسان من الإيمان، سواءً كان الإيمان بالإله الحق أو بأي إله باطل. وكلٌّ من روبرت والمسيح إله باطل، فالمسيح بشر خلقه الخالق بلا أب كنبي عظيم مرسل منه تعالى كما خُلق آدم بلا أب ولا أم، وروبرت ممثل بشر.
قد يقدس البشر أي مخلوق، فيمكن أن يسميه إلهًا أو يسميه أي شي آخر، وقد يكون الإله شجرة أو نجمًا في السماء أو امرأة أو رئيسه في العمل أو نظرية علمية أو حتى هوىً في نفسه، لكن لابد له من الإيمان بشيء يتبعه ويقدسه ويرجع له في نهج حياته وقد يموت لأجله، وهذا ما نسميه العبادة.
فعبادة الإله الحق تحرر الإنسان من “العبودية” للآخرين والمجتمع، ولهذا يحذر اﻹله الحق البشر من عبادة غيره ليحميهم من أنفسهم.
سألني أمريكي يومًا:
يقول كثير من العلماء إن كل عصر ينبغي أن يكتب التاريخ من وجهة نظره؛ لأن تقدير كل عصر لما هو مهم وذو معنى بالنسبة له يختلف عن تقدير العصر الآخر، فكل عصر يحاول أن يرى الماضي من خلال اهتماماته والأفكار السائدة فيه، فالتاريخ نسبي أيضًا.
قلت له:
هذا صحيح ولكن هذا لا ينفي أن للأحداث حقيقة واحدة، شئنا أم أبينا، وتأريخ البشر المعرَّض للتشويه وعدم الدقة للأحداث والقائم على الأهواء ليس كتأريخ رب العالمين لها، والذي هو غاية الدقة ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً، لأنه الشاهد عليها.
غُلِبَتِ الرُّومُ(2) فِي أَدْنَى الْأرض وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (الروم)
تتحدث هذه الآيات عن هزيمة البيزنطيين على أيدي الفرس في معركة أنطاكيا، وقد كان وعدًا للمسلمين أن تنقلب الهزيمة في بضع سنين إلى انتصار للبيزنطيين، وقد كان انتصارهم أمرًا مهمًا للمسلمين، لأنهم كانوا نصارى ويعدون من أتباع دين سماوي، بينما يعُد الفرس من أتباع الديانة الزرادشتية وهي ديانة وثنية، وقد دارت المعركة في المنطقة المحيطة بالبحر الميت، (يقع في أخدود وادي الأردن)،
والحقيقة المثيرة للاهتمام لغير المسلمين والتي اكتشفت مؤخرًا من خلال الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الحديثة، أن المنطقة المحيطة بالبحر الميت هي الأقل ارتفاعًا على الأرض، وهذه معجزة قرآنية، فلم تكن هذه الحقيقة معروفة أو متوقعة لهم في القرن السابع، حيث لم تكن الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الحديثة متاحة في هذا الوقت، التفسير الممكن الوحيد هو أن النبي محمد قد تلقى وحيًا إلهيًا من الله خالق الكون ومبدعه، وبعد حوالي 7 سنوات من نزول الوحي بهذه الآيات، تحقق وعد الله بانتصار الرومان في القرآن بإعجاز.
يقول الدكتور جاري ميلر (عبد الأحد عمر) عالم الرياضيات واللاهوت المسيحيِ ومبشِّر سابق في كتابه “القرآن المذهل”:
” أن كل مؤلف يبدأ كتابه بالإعتذار عن الأخطاء التي وقعت في كتابه، ولا يوجد مؤلف في العالم يمتلك الجرأة ويؤلف كتابًا ثم يقول: هذا الكتاب خالٍ من الأخطاء، ولكن القرآن على العكس من ذلك يبدأ في سورة البقرة بتحدي خلوه من الأخطاء”.
ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (البقرة:2)
توقف ميلر عند بحثه في القرآن، عند الآية 30 من سورة الأنبياء:
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ
يقول ميلر:
“إن هذه الآية هو بالضبط موضوع البحث العلمي الذي حصل على جائزة نوبل عام 1973م، وكان عن نظرية الانفجار الكبير، والتي تنصُّ على أن الكون الموجود هو نتيجة انفجار ضخم حدث منه الكون بما فيه من سماوات وكواكب، والرتق هو الشيء المتماسك في حين أن الفتق هو الشيء المتفكك. لا يعقل أن يتوصل محمد في الصحراء إلى هذه الحقيقة العلمية قبل 14 قرنا إذا لم يخبره الله بذلك”.
وينطبق حال التأليف على جميع الكتب المقدسة لأصحاب العقائد الأخرى فيما عدا القرآن، فعلى سبيل المثال:
العهد القديم تعاقَبَ عليه كثير من الكتبة، كان آخرهم كاتب خاتمة سفر المكابيين الثاني [15/39 – 40] ـ وهو آخر أسفار العهد القديم الكاثوليكي ـ الذي قال:
” إن كنت قد أحسنت التأليف وأصبت الغرض، فذلك ما كنت أتمنى، وإن كان قد لحقني الوهن والتقصير فإني قد بذلت وسعي، ثم كما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضر، وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتعقب لذة وطربًا، كذلك تنميق الكلام على هذا الأسلوب يطرب مسامع مطالعي التأليف”.
أما عن العهد الجديد فهي مجرد قصص مكتوبة، يقول لوقا في مقدمة إنجيله [1/1-4]:
“كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، كما سلَّمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة، رأيت أنا أيضًا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي علمت به”.
وهذا النص يُبيِّن:
- أن كثيرًا من الناس قاموا ” بتأليف” قصص عن (سيرة حياة) يسوع، تحمل ” وجهة نظرهم” لتلك السيرة.
- هدف ما قام به لوقا، كتابة رسالة إلى صديقه ” ثاوفيلس”، وذلك “لتعرف صحة الكلام”، أي ليس لهدف إلهي ديني.
- صريح لوقا أنه لم يرَ المسيح ولكنه ناقل.
قال تعالى:
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (النساء:82)
يقول جاري ملير بعد قراءة هذه الآية من سورة النساء:
“من المبادئ العلمية المعروفة في الوقت الحاضر هو مبدأ إيجاد الأخطاء، أو تقصِّي الأخطاء في النظريات إلى أن تثبت صحتها، والعجيب أن القرآن يدعو المسلمين وغير المسلمين إلى إيجاد الأخطاء فيه منذ 14 قرنًا”.
يقول ميلر:
“بدون أدنى شك يوجد في القرآن توجه فريد ومذهل لا يوجد في أي مكان آخر، وذلك أن القرآن يعطيك معلومات معينة ويقول لك: لم تكن تعلمها من قبل”.
ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (آل عمران: 44)
تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ( هود: 49)
يقول جاري ميلر:
” لا يوجد كتاب مما يسمى بالكتب الدينية المقدسة يتكلم بهذا الأسلوب، لأن كل الكتب الأخرى عبارة عن مجموعة من المعلومات، ودائمًا تخبرك إذا كنت تريد المزيد من المعلومات يمكنك أن تقرأ الكتاب الفلاني أو الكتاب الفلاني لأن هذه المعلومات أتت منه. بعكس القرآن الذي يمد القارىء بالمعلومة ثم يقول لك هذه معلومة جديدة، بل ويطلب منك أن تتأكد منها إن كنت مترددًا في صحة القرآن بطريقة لا يمكن أن تكون من عقل بشر. والمذهل في الأمر هو أهل مكة في ذلك الوقت ومرة بعد مرة كانوا يسمعونها ويسمعون التحدي بأن هذه معلومات جديدة لم يكن يعلمها محمد صلى الله عليه وسلم ولا قومه، بالرغم من ذلك لم يقولوا هذا ليس جديدًا بل نحن نعرفه، أبدًا لم يحدث أن قالوا: نحن نعلم من أين جاء محمد بهذه المعلومات”.
نبوءات فاشلة:
- الطريف مما قرأت أن زعيم جماعة شهود يهوه وقائدها تشارلز راسل تنبأ بنهاية العالم في عام 1914، وكان ذلك بناءً على نبوءة في العهد القديم، وعندما مرَّ العام والعالم مازال موجودًا، مدد الأمر إلى العام التالي، ثم إلى عام 1918، ثم مدد خليفته النبوءة إلى عام 1925، ورغم الفشل المتتالي لهذه النبوءات، إلا أنَّ الجماعة حافظت على تماسكها بفضل الطاقات المالية الضخمة التي تملكها، والتي طوّعتها لنشر أفكارها على المهووسين بالدين والقوى الغيبية.
- التايواني هون مينج تشين تشين تاو، أو الطريق الصحيح، وهي حركة دينية مزجت عناصر من المسيحية والبوذية ونظريات مؤامرة الأجسام الطائرة المجهولة والدين الشعبي التايواني. وعظ تشين أن الله سيظهر على القناة التلفزيونية الأمريكية 18 في 25 مارس 1988 ليعلن أنه سيهبط إلى الأرض في الأسبوع التالي في شكل مادي مماثل لتشين. في العام التالي، تنبأ بأنه ستؤدي ملايين الأرواح الشيطانية إلى جانب الفيضانات الهائلة إلى انقراض جماعي للبشر. ويمكن إنقاذ المتابعين من خلال شراء طريقهم على متن سفن الفضاء، متنكرين في هيئة غيوم، وإرسالهم لإنقاذهم.
- ادعى الزعيم الديني ويليام ميللر بالوعظ في عام 1831 بأن نهاية العالم كما نعرفها ستحدث مع المجيء الثاني ليسوع المسيح في عام 1843. وقد اجتذب ما يصل إلى 100000 من أتباعهم الذين اعتقدوا أنه سيتم نقلهم إلى الجنة في التاريخ. وعندما فشل تنبؤ عام 1843 في التحقق أعاد ميلر حسابه وقرر أن العالم سينتهي بالفعل في عام 1844. كتب التابع لهنري إيمونز : “لقد انتظرت كل يوم الثلاثاء، ولم يأتِ يسوع العزيز … ساجد ليومين دون أي ألم – مريض بخيبة أمل “.
وقد شهد القاصي والداني لتحقق نبوءات القرآن.
قال رسول الله:
إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله.
وقد وقع الأمر تمامًا كما قال فإنه لم يأت بعد كسرى كسرى غيره، ولما هدمت دولة القياصرة فلم تقم لهم دولة بعد ذلك وإلى يومنا هذا.
وقال:
تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ»،
ومن المعروف أنَّ مصر كانت جُزءًا من بلاد الروم
وكذلك فقد أخبر الرسول بفتح مصر تحديدًا، ودعا إلى الإحسان إلى أهلها إكرامًا لهاجر أُم النبي إسماعيل وزوجة النبيّ إبراهيم، فقد كانت من أرض مصر، كما أخبر بدخول أهلها في الإسلام واشتراكهم مع إخوانهم في التمكين له
إِنَّكُم سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ، وَهِيَ أَرْضٌ يَسمَّى فِيْهَا القِيْرَاط، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا، فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا؛ فَإِنَّ لَهُم ذِمَّةٌ وَرَحِمًا، فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيْهَا فِي مَوْضِعَ لَبْنَة، فاخرُج مِنْهَا».
دين عالمي