يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري:
تفشـل المادية في تفسير إصـرار الإنسان على أن يجـد معنى في الكون ومركزاً له. وحينما لا يجد معنى له فإنه لا يستمر في الإنتاج المادي مثـل الحيوان الأعجــم، وإنما يتفسخ ويصبح عدميــاً ويتعاطى المخدرات وينتحر ويرتكب الجرائم دون سبب مادي واضح. وقضية المعنى تزداد حدّة مع تزايد إشباع الجانب المادي في الإنسان؛ فكانت إنـسـانـية الإنـسـان لصيقـة بشيء آخر غير مـادي.
ملذات شخصية:
قال الخالق في سورة الزمر:
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29)
بمعنى أنه ما هو الوضع الأفضل للإنسان، أن يكون عبدا لإله واحد أم لآلهة كثيرة؟
فالخالق في الآية القرآنية لم يفترض إمكانية حصول الإنسان على الحرية المطلقة بعدم التسليم لإله كما يدعي بعض البشر اليوم. فالإنسان بطبيعة الحال لم يختر أسرته ولا موطنه ولا لونه ولا عرقه ولا حجمه. فهو عبد لخالقه في جميع أحواله.
الخالق ينتظر من الإنسان أن يختار أن يكون عبدا له في الجواتب التي يمتلك فيها حرية الاختيار، وإلا فسيصبح الإنسان عبدا لأي شئ غير خالقه.
العبودية لله هي عكس العبودية في مفهومنا، فالعبودية في مفهومنا هي أن يأخذ السيد خير العبد، أما العبودية لله فهي على العكس، هي أن يُعطي السيد عبده ما لا حدود له من النعم، ويخلع عليه ما لا نهاية من الحماية من نفسه ومن المجتمع، وتهبه حرية من كل العبوديات الأخرى. فهي حرية ترفع من شأن الإنسان. فمن السهل أن يكون الإنسان حرا ليختار أن يسرق أو أن يزني أو حتى الزواج من الحيوان، وهذه هي الحرية بالمفهوم الغربي، لكن من الصعب أن يقاوم هذه الرغبات وينتصر عليها وهذه هي الحرية بالمفهوم الإسلامي. فبانتصار الإنسان على شهواته ورغباته يثبت إنسانيته.
الحرية في الإسلام مفهوم مصيري، لأن الإسلام يحرر البشر من عبودية المشاعر، فقضية الحرية في التصور الإسلامي هي أكبر قضية في التاريخ الإنساني، لأن أقصى غاية لليبرالية هي أن تحرر الإنسان من سيطرة إنسان آخر مثله، والتي هي سلطة مادية لا تبالي بالإكراه المعنوي. أما الحرية في الإسلام تجعل الإنسان بقلب حر ومشاعر حرة لا يخاف إلا الخالق. فالتي اختارت أن تزني لكسب المال لوجود ضغوطات مادية واجتماعية عليها فهي في هذه الحالة قد حصلت على الحرية بالمفهوم الغربي، لكن هي في الواقع عبدة للضغوط المجتمعية في المفهوم الإسلامي، والذي قدم لها نوعا آخر من أنواع الحرية يضمن لها راحة أبدية في الدنيا الآخرة، وهي حرية المشاعر وتعلقها فقط بخالقها.
قال لي أمريكي ملحد يوما:
أنتم المسلمون مقيدون بالخوف من خالقكم. لماذا اخترتم هذه القيود التي ألزمتم بها أنفسكم؟ نحن الملحدون أحرار نفعل ما نريد
قلت له:
جميعنا بين الجزرة والعصا، ولكن الفكرة هي بمن يحمل العصا التي نخاف منها.
نحن اخترنا أن نكون عباد لخالق الكون، وأنتم اخترتم أن تكونوا مستعبدين لكل شئ غير الخالق.
كلنا نعيش بين العصا والجزرة. لكن مع من يجب أن تكون العصا ؟
قال:
لماذا لدى المسلم رهاب من الشواذ جنسيا؟
قلت له:
رهاب يعني خوف. من أخبرك أن المسلم يخاف من الشواذ، وما الذي يخيف فيهم؟
قلت أيضا:
المسلم لا يتدخل في أمر الغير مادام الغير يمارسون ما يحلو لهم في منازلهم، وذنوبهم بينهم وبين خالقهم.
فكما يمنع القانون المدني التجسس على المواطنين في منازلهم، يوجد في الإسلام أيضا مفهومي ذنوب السر والعلانية.
الشريعة الإسلامية وضعت لحماية المجتمع من المؤثرات السلبية. وكل ما يأتي من الخالق هو لحماية المجتمع.
لهذا يطبق قانون العقاب على الفعل العلني في المجمتع، ولا يطبق على مجرد الميل الشخصي.
فكما يمنع الأعزب نفسه من الزنا بمقاومة رغبته، وكما يجب أن يمنع – من لديه ميول للسرقة – نفسه من السرقة بمقاومة رغبته، يجب أن يمنع من لديه ميول مثلية نفسه بمقاومة رغبته. وهذا اختبار الإنسان في هذه الحياة.
وهذا الحال يجري على كل الذنوب بما فيها شرب الخمر وغيرها.
لو كنت عشت في خمسينيات القرن الماضي لكنت الآن من معارضي المثلية الجنسية.
قال: نعم.
أنا كنت في الماضي معارض، والآن داعم.
فكانت هذه رؤية طبيعية في الماضي، وقد تغيرت الآن.
قلت له:
كيف ستقنع شخصيتك القديمة أنها كانت خاطئة؟.
ما هو معيارك للحكم على الأمور بالصواب أو الخطأ؟
أهواء الإنسان، رغباته، وميوله تبقى متأثرة، أسيرة ومقيدة بكثير من الأمور، مثل التعليم مثلا، التربية، التجربة، الأعراف و الضغوطات الإجتماعية،الخ. نحن بحاجة إلى قانون ثابت صالح لكل زمان ومكان.
فالخمر والتدخين أصبحا في كثير من الدول عرف اجتماعي مقبول مع خطورته الكبيرة والمعروفة على المجتمع.
قلت أيضا:
تكمن المشكلة عند المثليين في أنهم يريدون تغيير أعراف المجتمع، وفرض ميولهم على الغير. وهذا لن يحدث في المجتمعات الإسلامية. لأننا في الإسلام لا نخضع للعرف الاجتماعي كما في بقية الديانات.
فهناك من يتهم المسلمين المتبعين لدينهم اليوم بالرجعية و التخلف لمجرد عدم قبول فعل الشذوذ في المجتمع. ونحن نقول أنه من خلقنا ورزقنا هو من وضع معيار التفريق بين الصواب والخطأ.
أنت نفسك كنت يوما ما رافض للمثلية، قبلتها الآن وتغيرت آرائك. لكننا لم نتغير. لأننا ملتزميين بالقانون الإلهي، ولو سخر العالم بأسره منا.
اليوم نجد التافهين يرتقون في مناصب رفيعة، الراقصين والمهرجين أصبحوا نجوم، وممثلين الأفلام الإباحية أصبحوا رواد الفن.
قال:
وهل هذا خطأ؟
قلت له:
السؤال هنا هو: ما الذي ينتج عن هذه الممارسات؟ ما هي آثار ذلك على المجتمع؟
هل ستخلق هذه التصرفات مجتمع متماسك يقدر قيمة الأسرة، ويعزز فكرة الخوف من الخالق؟
هل ستجعل المجتمع أقل اعتمادية على الكحول مثلا؟
هل ستقلل من مشكلة تعاطي المخدرات؟
هل ستقلل من نسبة الانتحار؟
انتشار الأفلام الإباحية وصعود التافهين ونجوم الشهرة والفن المثير للشهوات يفعل العكس تماما. فهو يدمر المجتمع بكل المقاييس.
قال:
يبدو أن المسلم يؤمن أن الذنب والمتعة هما وجهان لعملة واحدة.
وقال:
هل يخلق الذنب المتعة؟ أم أن الكثير من الذنوب هي مصدر متعة للبشر.
قلت له:
بالطبع لا. ليس بالضرورة. المتعة ممكن أن تكون مباحة.
إن خيار كل شخص فيما يتعلق بفعله للأمور هو قرار متشابه. فالقاتل الذي يمتهن القتل يفعل ذلك لأن القتل يشعره بمتعة. وأنت كملحد ليس لديك معيار أو طريقة لتقنع فيها هذا القاتل أن ما يفعله خاطئ.
فكثير من الجرائم كانت سبب متعة لمرتكبيها. وهكذا يصبح الإنسان عبدا لمتعته الشخصية.
المتعة تقلل من قدرة الإنسان على الاختيار الذاتي والتفريق بين الصواب والخطأ، وتثبط الهمة عن السيطرة على النفس.
العبودية للأهواء تثبط صاحبها عن إدراك الصواب من الخطأ. ولكن بالوعي ممكن أن يتدارك الإنسان نفسه.
لهذا نريد نظام يقوي لدينا مفهوم التقوى. وهو درجة وعي الإنسان برقابة رب العالمين.
البشر بحاجة لأن يخضعوا لمصدر أعلى وأسمى من تحليلاتهم الشخصية للصواب والخطأ.
يقول المستشرق اللاتيني المستر سنيكس:
إن الفكرة الدينية الإسلامية، أحدثت رقياً كبيراً جداً في العالم، وخلّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان. ولقد توصل محمد ـ بمحوه كل صورة في المعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق ـ إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة.
والقرآن جاء على غاية الفصاحة في كافة المجالات، ترغيبًا كان أو ترهيبًا، زجرًا كان أو وعظًا أو غيرهما.
ففي الترغيب قوله تعالى في سورة السجدة:
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)
وفي الترهيب قوله تعالى في سورة إبراهيم:
وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ (15–16)
ما الدافع الذي يدفع بالإنسان إلى إقامة الأخلاقيات والقيم وباحترام القوانين أو احترام الآخرين. أو ما الضابط الذي يضبط الإنسان ويجبره على فعل الخير وليس الشر. وإن قلتم بقوة القانون، فنرد ونقول: إن القانون لا يتوافر في كل زمان ومكان، ولا يكفي وحده لحل كافة النزاعات على المستوى المحلي والدولي. ومعظم تصرفات البشر تتم في معزل عن القانون وأعين الناس.
ويكفي دليلاً على الحاجة للدين هو وجود هذا العدد الكبير من الديانات والتي تلجأ إليها غالبية أمم الأرض لتنظم حياتها وتضبط تصرفات شعوبها على أساس قوانين دينية. فكما نعلم أن الضابط الوحيد للإنسان هو معتقده الديني في حال غياب القانون، فالقانون لا يمكن أن يتواجد مع الإنسان في كل حين وكل مكان.
فالوازع والرادع الوحيد للإنسان هو اعتقاده الداخلي بوجود رقيب عليه وحسيب، وهذا الاعتقاد في الأصل دفين وراسخ في وجدانه، يظهر بوضوح لدى الإنسان عندما يهم بفعلٍ خاطئ، حيث تتنازع لديه ملكات الخير والشر ويحاول إخفاء أي عمل فاضح عن أعين الناس، أو أي عمل تستنكره الفطرة السليمة. كل هذا دليل على وجود لمفهوم الدين والاعتقاد في أعماق النفس البشرية.
فالدين والذي هو عبارة عن نظام حياة جاء ليملأ الفراغ الذي لا يمكن للقوانين الوضعية أن تملأه أو تُلزم العقول والقلوب به على اختلاف الزمان والمكان.
والخالق (الله، بمعنى الإله الحق الواحد الأحد) مالك لما يخلق، فبالتالي إن تصرفه في الكون ليس لأنه هو الخالق فقط؛ بل هو المالك، وتصرفه عن ملك وحكمه وعدل، و هو الوحيد الذي له الحق بتحديد الحقوق والحريات فيما يخص ملكه.
أن الدافع أو المحرك لدي الإنسان لعمل الخير يختلف من شخص لآخر. وأن كل شخص له دوافعه ومصالحه الخاصة لفعل أو الالتزام بأخلاقيات أو قيم محددة.
- العقوبة: وقد تكون هي الرادع للإنسان لكف شره عن الناس.
- المكافأة: وقد تكون هي الدافع للإنسان للإقبال على فعل الخير.
- إرضاء الذات: وقد تكون الضابط للإنسان لضبط نفسه عن الشهوات والرغبات. وأن للإنسان مزاج وهوى وما يعجبه اليوم قد لا يعجبه غدًا.
- الوازع الديني: وهو معرفة الله والخوف منه واستشعار وجوده أينما ذهب، وهو الدافع القوي والفعال .
إن للدين أثرًا كبيرًا في تحريك مشاعر وعواطف الناس سلبًا أو إيجابًا. وهذا يدلنا على أن أصل فطرة الناس مبنية على معرفة الخالق، وقد تُستغل في كثير من الأحيان بقصد أو بغير قصد كدافع لتحريكه. وهذا يوصلنا إلى خطورة الدين في وعي الإنسان لأن الأمر يتعلق بخالقه.
قال الملحد:
ولكن المسلمون يؤذون غيرهم ويسرقون ويرتكبون الجرائم.
قلت له:
أنا أتكلم عن الإسلام.
أنا لا أتكلم عن ما يفعله المسلمون أو ما أفعله أنا أو ما تفعله دولة من الدول أو شعب من الشعوب.
فإنه حين تصبح الديناميكية الاجتماعية مبنية على ثقافة المشاكل السياسية أو الاقتصادية وما شابه، فنجد أن ذلك سوف يؤثر على تعاملات الناس مع بعضهم البعض.
أنا أتكلم عن رسالة مثالية من الخالق تمنحنا أفضل طريقة بجودة عالية للحياة في هذا العالم. وأفضل طريقة للتعامل مع الناس في المجتمع. ورسالة تزودنا بطريقة مثالية للحصول على حياة أبدية سعيدة مع الخالق بسبب علاقتنا القوية به واتباع أوامره واجتناب نواهيه.
يقول ابن القيم :
في القلبِ شَعثٌ لا يَلمُّه إلا الإقبال على الله، وعليهِ وحشَة لا يُزيلها إلا الأُنس به في خَلوته، وفيه حُزنٌ لا يُذهبه إلا السُّرور بمعرفتِه وصِدقِ مُعاملته، وفيه قلَقٌ لا يُسكِنه إلا الاجتماع عليه والفِرار منه إليه، وفيه نيرانُ حسراتٍ لا يُطفئها إلا الرِّضا بأمرِه ونهيِه وقَضائِه ومُعانقة الصَّبر على ذلك إلى وقتِ لقائِه، وفيه طَلبٌ شَديد لا يَقفُ دونَ أن يكونَ هو وحدَه المَطلوب، وفيهِ فاقة لا يَسُدُّها إلا مَحبته ودوامِ ذِكرهِ والإخلاص له، ولو أُعطى الدُّنيا وما فيها لم تُسد تلكَ الفاقة أبدًا”.
بين الإلحاد و مفهوم الجزرة والعصا:
إنَّ أول من قدَّم نظرية الجزرة والعصا للتشجيع والتحفيز هو “جيرمي بنثام” في أوائل الثورة الصناعية عام 1800م تقريباً، كما تم استخدامه في صحيفة إسترالية في تعليقها على تحفيز الإنتاجية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبعد ذلك تم تسجيل التعبير وتوثيقه في ملحق قاموس أكسفورد في 11 ديسمبر عام 1948م.
وهي تعني الطريقة التي تجمع بين عرض الثواب للحث على السلوك الصالح وتشجيع الفعل الجيد، وعرض العقاب لتثبيط السلوك المستهجن وتجنب الفعل السيء. وقد استمدها جيرمي من القصة القديمة التي تقول إن أفضل طريقة لتحريك البغل الذي يجر عربة هي أن تضع أمامه جزرة تتدلى بعيدة عن متناوله، وإذا لم يتحرك يضربه سائق العربة بالعصا من الخلف؛ فيتحرك إلى الأمام ويجر العربة معه طمعاً في الوصول إلى الجزرة لأكلها، ومن جهة أخرى ليهرب من الألم الواقع عليه من ضرب العصا.
وبهذه الطريقة تعمل نظرية التحفيز والامتثال لتحقيق هدفين الأول:
هو الحصول على المنفعة والثواب والمكافأة التي تمثلها الجزرة.
والهدف الثاني:
تجنب الخوف والتهديد والعقاب والعنف والألم الذي تمثله العصا.
إن الدين والإلـحاد يقومان على النقيض في منهج الحياة.
فالإلحــاد ربما يبدو رائعا لأول وهلة فهو يعطيك الحرية. يعطيك صكا مختوما بأن تفعل كل ما لا يخطر للشيطان على بال، فالله غير موجود والدنيا فانية والمتعــة هي أقصى غاية الإنسان.
الدين يقول لك أنت مذنــب عليك أن تتوقف وتتوب وتشعر بعقدة الذنـب. الإلحــاد يقول لك أذنب واستبح المــحرمات وأنت على حق.
الإلــحاد يبرر لك أبشــع الجرائـم باسم النسبية والعدميــة والعبثــية والحتمية المادية.
مما قرأت وأعجبني:
الإلحــاد هو حكم سطحي كســول للغاية على قضية عميقة للغاية، قوية وثابتة، وممتلئة بالأدلة. مع حقيقة وجود في نفس المــلحد يقين عميق بوجود الله.
الدين يلزمك ويقيدك إذا أخطأت. الدين يؤسس لبداية العالم والإلحــاد يؤسسس لنهاية العالم.
مما قرأت وأعجبني:
الإلحــاد هو عرض للقضية الكبرى والتساؤلات العظيمة والمحيرة التي تشغل الإنسان بصورة سلبية، ويفترض الملحدون حتمية التزام الإنسان بهذه الصورة السلبية واعتناقها واعتبارها موقف حياتي دائم يحيا ويموت عليه.
بينما يوجد مئات الأدلة على وجود الله كدليل السببية وغيرها من العديد من الأدلة، وعلي النقيض لا يوجد دليل علمي واحد يقول بما يزعمه الملحــد ومع ذلك يكابر المـلحد بكل بساطة.
ما هو الإنسان من منظور إلـحادي ؟
- الإنسان من منظور إلـحادي عبارة عن نمط تطوري ذو ثلاثة أبعاد. هو عبارة عن حيـوان إجتماعي. هو ابن داروين نشأ من خلال نظرية البقاء للأقوى.
- الإنسان من منظور إلحــادي يحيا ويــموت ولا قيمة لا لوجوده ولا لمـوته.
- الإنسان من منظور إلحـادي عبارة عن ابن الطبيعة. ابن العقل والحسابات المادية. ابن الأرض.
هل بعد ذلك يبقى الإنسان إنسانا ؟
يقولون بأن العقل الإلحـادي هو عقل يشبه أشعة إكس، يمكن أن يعطينا صورة لهيكل الإنسان العظمي، لكن لا يمكن أن ينقل لنا صورة الوجه الإنساني في أفراحه وأحزانه. الصــدفة مفهوم يستعمله الملحــد كي لا يفكر.
يقول علي عزت بيجوفتش:
إن السمو الإنساني لم يكن من المُستطاع اكتشافه بواسطة علم الأحياء أو علم النفس، ولا بأي علم آخر؛ فالسمـو الإنساني مسألة روحية، فمن السهل على العلم بعد الملاحظات الموضوعية أن يُقرر أن اللامـسـاواة بين الناس ممكنة جدًا، بل منطقية.
صحوة عقلية:
يقول ويل ديورانت:
للدين مائة روح، كل شيء إذا قضي في المرة الأولى، فإنه سوف يموت إلى الأبد، إلا الدين، فإنه لو قضي عليه مائة مرة، فإنه رغم ذلك سيظهر وتبعث فيه الحياة بعد ذلك.
أشهر مُلحد فرنسي _ الفيلسوف الشهير (ميشال أونفريه) الحاصل على الدكتوراه في الفلسفة
تمت استضافته على أشهر قناة C_NEWS مع أشهر مذيع في أشهر برنامج (وجها لوجه)، لينتقد الإسلام ويحتقر المسلمين، فصدمهم برأيه، وعلى الهواء مباشرة.
قال ميشال أونفراي:
أعتقد أن المسلمين يلقنوننا درساً مهماً، ولديهم كل الحق في ذلك.
درس في كيفية مواجهة النزعة المادية.
لأنهم بغض النظر عما نراه فيهم، أناس لديهم مثل أعلى.
هم أناس يعتقدون أن بمقدورهم تجاوز الأفق المادي.
هم أناس يمتلكون روحانية ونظاماً أخلاقياً يلتزمون به، وقيماً يعيشون بها.
إنهم يعتقدون أنه يجب علينا أن نشعر بالخجل من قيامنا بالتخلص من كبار السن في مجتمعنا بإيداعهم دور العجزة.
إنهم يحرمون المشاركة في العلاقات الجنسية هكذا مع أي طرف وبأي شكل ويعتبرون العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج لا يُشرف المرأة.
أعتقد أن الأمر هنا لايتعلق بإمتلاك الماديات. بل هو متعلق لديهم بالشعور بالكرامة. لأن هؤلاء الناس يتمتعون بأخلاقيات الشرف. بينما فقدنا نحن أي إحساس بمعنى الشرف.
يقول محمد الغزالي:
الإسلام ليس حزباً سياسيّاً قصاراه طلب السلطة! إنّه دين يهيمن على النفوس والأفكار، ويسوس الناس أولاً بالعقائد والعبادات والتقاليد التي يضعها، والأخلاق التي يربّي عليها، والتعاليم التي ينشرها، والشعائر التي يرفعها، والسلطة التنفيذيّة جزء من منهاجه.
يقول إدوارد بيرك:
القانون المحمدي قانون ضابط للجميع من الملك إلى أقل رعاياه، وهذا القانون نُسِجَ بأحْكَم نظام حقوقي، وشريعة الإسلام هي أعظم تشريع عادل لم يسبق قط للعالم إيجاد مثله، ولا يمكن فيما بعد.
من خصال الإنسان أنه عدو ما يجهل، ولهذا ترى الملحد عندما بحث عن ذات خالقه وهي خارج حدود عقله فجهل معرفة هذا الخالق فأصبح عدو مايجهل.
الإيمان علاقة مع الله مترجمة حُكماً في علاقة مع الآخرين ومع الطبيعة المخلوقة، إذ لا بدّ أن ينعكس الإيمان في التعامل اليوميّ، ولهذا كان حُسن المعاملة، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، والمحبّة من الإيمان الأصيل، ولا بدّ أن تُعاش في الذات أوّلاً، وإلّا أُفرغت تلك العبارات من معناها، وباتت مجرّد أُطر فارغة.
يقول الدكتور يوسف السباعي:
عند جهلنا بحقيقة الأشياء وعدم معرفتنا بالأسباب المؤدية إلى النتائج الموجودة أمامنا، وبحال جهلنا لأي ظاهره كونية مادية، نتسارع بتعليق شماعة الصدفة لكونها لفظًا مريحًا لفضول البحث عن الأسباب الحقيقية التي خلفها. وعندما يتوصل العلم إلى العلل والأسباب لأي ظاهرة كونية لن تجد مجالًا للصدفة في قِبال ذلك الاكتشاف الدّال على السبب العلمي؛ فالصدفة مفهوم مؤقت نلجأ إليه ويزول بمجرد العلم بالقانون المُبيِّن للسبب.
يقولون أن الإنسان هو الذي ابتكر فكرة الإله حين شعر بالخـوف من الطبيعة! واخترع الأديان ليتواصل مع هذا الإله. وفي عام 1859م نشر داروين نظريته الخاصة بأصل الأنواع، بعدها بدأ علماء الآثار والحفريات في هدر حياتهم في عمليات حفر وتنقيب متواصلة من أجل إثبات النظرية! حتى أن بعضهم بعد اليأس قام بتـزييف حفريات لهذا الغرض! وجيش من العلماء البيولوجيين يسعى بشتى الطرق لإثباتها وسد ثغراتها وملىء فجواتها! ونشط بعض الفيزيائيين في طرح أفكار لولبية لنشأة الكون.
فلماذا لا يكون المُنكر للخالق هو الذي اخترع الإلحـاد ليتواصل مع رغباته بلا حساب؟
فالمنطق يقول أنه من المستحيل أن تبتكر فكرة من العدم، ولكن ممكن رفض فكرة موجودة.
يقول الدكتور عبد المجيد النجار:
بالإيمان: تَحَرّرَ العقل من سائر الأوهام والضواغط ومصادر التّضليل، وصار عقلاً حرّاً متدبراً متفكّراً محلّلاً مستنبطاً، له منهج منضبط صارم في قبول المعارف ورفضها، سواء أكانت مقروءة أو مرويّة أو مسموعة، أو مستنبطة، تنتسب إلى عالم الغيب أو إلى عالم الشّهادة.
بما أن الموت لم يتم التغلب عليه، يحتاج البشر إلى حياة روحية تتعامل مع هذا الواقع وما يكمن وراءه. لا يقتصر الفهم الإسلامي للحياة الروحية على هذا الوجود الدنيوي. إنها طريقة تجعل الحياة والآخرة مثمرة. إنها طريقة يمكن أن تحول خمس دقائق تواصل مع الخالق في هذه الحياة ليس إلى خمس ساعات فحسب، بل إلى الأبدية.
يقول دكتور مراد هوفمان:
الإسلام هو الحياة البديلة بمشروع أبدي لا يبلى ولا تنقضي صلاحيته، وإذا رآه البعض قديمًا فهو أيضًا حديث ومستقبلي لا يحده زمان ولا مكان؛ فالإسلام ليس موجة فكرية ولا موضة ويمكنه الانتظار. لا تستبعد أن يعاود الشرق قيادة العالم حضاريًا، فما زالت مقولة: “يأتي النور من الشرق” مقولة صحيحة.
في مفهوم الانسان العاقل فقد خلق الإنسان ليحيا وليس ليفنى.
يقول الدكتور مصطفى محمود:
الدنيا ليست كل شيء، و لا يمكن أن تكون كل شيء وفيها كل هذه الآلام والمظالم، وإنما لابد أن يكون وراءها عالم آخر سماوي ترد فيه الحقوق إلى أصحابها، ويجد كل ظالم عقابه. بالألم ومغالبته والصبر عليه ومجاهدته تنمو الشخصية و تزداد الإرادة صلابة وإصرار ويصبح الإنسان شيئاً آخر غير الحيوان والنبات.
دين الخالق الصحيح هو:
- عبادة خالق الكون واللجوء إليه مباشرة.
- وهو الخالق الواحد الأحد الذي لا يأتي إلى الأرض في صورة إنسان ولا حيوان، والذي خلق آدم من غير أب ولا أم، وخلق المسيح من غير أب، فهو الذي يخلق ولا يلد.
- على البشر ترك عبادة الأصنام وترك عقيدة الثالوث، وترك اللجوء إلى الوسطاء من قساوسة وقديسين وأولياء، وعدم اللجوء إلى القبور وعدم اللجوء إلى نبي الله محمد أو لأي فرد من آل بيته، أو اللجوء لأي من أنبياء الله بالطلب والاستغاثة.
- يجب على البشر الإيمان بجميع أنبياء الله من آدم إلى محمد بما فيهم المسيح وموسى عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
- يجب على البشر الإيمان بيوم الحساب حيث يحاسب البشر على أعمالهم.
وهذه هي الحقيقة المطلقة التي يجب أن يستسلم لها البشر، والتي مهما حوربت سوف تظهر وتقوى وتنتشر لأنها الحق، ولا يعلو على الحق.
مراجع:
كتاب لماذا الدين؟ رحلة من الذاكرة
فاتن صبري
من كتاب سرّ تأخّر العرب والمسلمين
عزت بيجوفيتش، الإسلام بين الشرق والغرب
. عبد الوهاب المسيري | الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان/ بتصرف
. يوسف السباعي | الإلحاد سخرية العقل.
عبد المجيد النجار. من كتاب دور حرّيّة الرأي
مصطفى محمود رحمهُ الله.
الشيطان يحكم.
إدموند بيرك
مفكر سياسي إيرلندي.