معاناة لتحقيق أهداف ونجاحات:
تدفع أندية كرة القدم الملايين لشراء لاعبين بغرض تكليفهم بمهمة بالنسبة لهم عظيمة وهي الفوز بالكأس الدوري.
أساس تكليف اللاعب هو لياقته البدنية، والتي إن فشلت المحاولات بالمحافظة عليها تكون قد فشلت المهمة.
في فريق “بوروسيا دورتموند” ، وضع المدرب “توماس توجل” نظامًا صارمًا للتغذية بالنسبة للاعبيه، يتضمن الامتناع عن تناول السكر المصنع والدقيق الأبيض. كما منع “توجل” الحديث في الهاتف أثناء تناول اللاعبين للوجبات سوية. ويعمل لدى النادي طباخان يعدان “أطعمة الرياضيين”، وهي عبارة عن تشكيلة تحتوي على الأسماك واللحوم والخضروات والفاكهة، وكذلك الحلوى بعد الطعام.
ووصل الأمر بالنسبة ل “دورتموند” أن أصدر كتابًا بعنوان “الفارق هو ما يوجد في الطبق”. ويوجد فصل في هذا الكتاب يتحدث عن الأطعمة الجيدة والأطعمة السيئة. كما يقدم اتحاد الكرة الألماني على موقعه على الانترنت نصائح للناشئين بخصوص التغذية السليمة.
حتى أن الأمر يصل إلى تحديد مواعيد معينة للاعب للالتقاء بزوجته وأولاده، ومواعيد للنوم، إلخ.
وما أشبه هذا الحال بحال عارضات الأزياء حول العالم والآتي أساس مهمتهن هو هيئة أجسادهن.
كتبت “كريستال رينية” عارضة الأزياء المثالية في كتاب “الجوع” الذي نشر عام 2010، عن تجربتها في العمل كعارضة أزياء منذ صغر سنها. بينما كانت العارضات الأخريات يلجأن للحفاظ على أوزانهن بتناول القطن أو مناديل الورق، لأن ذلك يشعرهن بالشبع، ولكن بالتأكيد لا يمنحهن أية سعرات حرارية مفيدة لأجسادهن. وكان برنامج غذائهن يتضمن شرب فنجان من القهوة السوداء بدون سكر. وصرحت العارضة السوبر المثالية “كيت موس” عندما سألت عن فلسفتها في عرض الأزياء بأنها قالت “لا يوجد احساس جميل مثل الإحساس بالنحافة”.
وانتشرت بين الرياضيين مثلما هو الحال في المجتمع أيضًا وجود النباتيين أو من يقللون كثيرًا من تناول اللحوم ومن يركزون على تناول المنتجات الغذائية التي صنعت من خضروات وفواكه عضوية، ومن يتناول لحوم الأسماك فقط، ومن لا يأكل سوى ما سقط من الأشجار، أي أن كل النماذج موجودة بين الرياضيين
الهدف الأولى بالمعاناة:
يقول الشيخ الشعراوي:
العقل هو منفذ التكليف من الله للإنسان في هذه الدنيا، والخمر جاءت لتستر العقل. إن مدخل الإنسان إلى الله هو العقل التكليفي.
فالمجنون لا يكلف. لأن آلة الاختيار بين البديلات معطلة لديه. فإذا كان أمر لا بديل له فلا عمل للعقل فيه.
فالعقل إنما يوجد للاختيار بين البديلات. فبالتالي العقل يجب أن يكون موجود وسليم وهو أساس التكليف. ويجب أن تكون مقاييسه صادقة لكي يستطيع الإنسان اختيار البديل الخير وتجنب البديل الشر. فليس من حق الإنسان أن يستر العقل الذي هو مناط التكليف من الله بشرب الخمر. فكأنه عمد إلى النعمة الكبرى التي هي منفذه إلى الإيمان بالله ومنفذه إلى التكليف ليعطله. وكل التكاليف بعد ذلك بما فيها الصلاة والصوم وغيرها فرع للعقل التكليفي. والفطرة بطبيعتها سليمة فلا يجب افسادها.
وبشرب الإنسان للخمر يكون كأنه رد إلى الله النعمة التي ميزه بها عن الحيوان.
فمن يشرب الخمر لينسى مشاكله مثلاً فهو كمن يهرب من المشاكل بدلاً من مواجهتها. الخالق يريدنا مواجهة المشاكل بفكر سليم. فلا يجب أن نطمس قانون اختيار البديلات في عقولنا”.
فكلما عظم الهدف تحمل الإنسان الصعاب في سبيل تحقيقه.
إن الهدف الأساسي للحياة هو ليس التمتع بإحساس عابر بالسعادة؛ بل هو تحقيق سلام داخلي عميق من خلال معرفة مصدر الوجود( الخالق) وعبادته من خلال التواصل معه مباشرة.
تحقيق الهدف الإلهي سيُؤدي إلى النعيم الأبدي والسعادة الحقيقية. لذا، إذا كان هذا هو هدفنا الأساسي، فإن مواجهة أي مشاكل أو متاعب سوف تهون في سبيل بلوغ هذه الغاية.
التمييز بين الحق والباطل:
مما سمعت للباحث البريطاني صبور أحمد وأعجبني:
ممكن للشخص استخدام منطقه وعقله لأن يصبح ملحدًا، هندوسيًا، بوذيًا، نصرانيًا، الخ، لكن المقدرة على إدراك مصدر هذا العقل والمنطق، ومعرفة أسماء وصفات هذا المصدر الحقيقية (واحد أحد لا يتجسد في صورة إنسان ولا صنم أو حجر وليس له ولد، كلي القدرة، كلي العلم إلخ)، وتفسير هذه العقلانية التي نمتلكها، والتي تميزنا عن بقية المخلوقات والتي تتجاوز قيمتها ما يحتاجه الإنسان للبقاء والتكاثر، هذه المقدرة هو ما يجعل الإنسان قادر على التمييز بين الحق والباطل، والدين الصحيح والدين الخاطئ.
يقول فلاسفة علوم الأحياء الملحدين معلنين فشلهم، ومنهم عالم الأحياء والفيلسوف الأمريكي أليكس لوزومبيرغ :
إن الانتخاب الطبيعي لا يعطي تفسير للحقيقة ولكنه يفسر التكاثر والبقاء فقط.
ويقولون أيضًا:
إن كل ما لدينا لتفسير الكيمياء الحيوية، علم الأحياء، التشريح، واللغويات هو التكاثر والبقاء فقط، وبالتالي لا نستطيع الوثوق في عقلانيتنا لأننا لا نملك تفسير لها.
كتب تشارلز داروين إلى صديقه ويليام جراهام رسالة في عام ١٨٨١ يقول فيها:
“ينتابني شك فظيع حول ما إذا كانت قناعات عقل الإنسان والذي بدوره تطور عن عقول كائنات أدنى مثل القرد، تتمتع بأية قيمة أو تستحق أدنى ثقة، فهل يمكن لشخص أن يثق في قناعات عقل قرد؟ إن وجدت قناعات في مثل هذا العقل” .
المشكلة لدى الداروينين تظهر أيضًا عندما يريدون أن يعطوا تفسيرًا عن المعتقدات الصحيحة والمعتقدات الخاطئة (التفريق بين الحق والباطل).
على سبيل المثال يقول العلماء: بعض أنواع الفطر سام وبعضها غير سام، فممكن أن يبقى الإنسان على قيد الحياة ويعيش على اعتقاد خاطئ وهو أن جميع أنواع الفطر سامة. فهو لا يستطيع التفرقة بين السام وغير السام وبين الحق والباطل لأنه غير موجه للحق، ولكنه موجه للبقاء والتكاثر من وجهة النظر الداروينية.
فكيف لهم أن يثقوا في عقلانيتهم بينما عقلانيتهم غير موجهة للحق ولكنها موجهة للتكاثر والبقاء فقط، وذلك حسب نظرية داروين؟
والعقلانية والتي هي القدرة على التفكير خاصية بحد ذاتها تتمحور حول الحقيقة وليس حول البقاء والتكاثر.
ولقد واجهت الداروينيون باعترافهم مشكلة مصدر عقلانية الإنسان كما ذكرنا سابقًا، وتساءلوا كيف لمادة غير حية غيبية تظهر في المادة الملموسة والتي تؤدي إلى العقلانية؟ كيف للعقلانية أن تنشأ من مصدر عشوائي غير عقلاني؟ وأقروا أن نظريتهم لا تجيب على هذا السؤال كما ذكرنا ولم تستطع أن تعطي تفسيرًا له.
فكيف للملحد أن يثق بعقله ومنطقه بينما عقله لم يساعده على معرفة مصدر تعقله.
فهنا وقع الداروينيون في مشكلة وهي مصدر تعقل الإنسان.
الركيزة الأساسية لكل شئ:
الحيوان يعقل أيضًا في بحثه عن غذائه ومكان إقامته وما إلى ذلك، لكنه لا يمتلك القدرة على التفكير التي تمكنه من التفرقة بين الحق والباطل.
وهذا ما تميز به الإنسان، والذي هو هبة من خالق الكون له وهو سر التكليف.
فكان لدى أتباع هذه النظرية خيارين فقط:
- إما أن يعتبروا أنفسهم لا عقلانيين، ولايتميزوا عن أي حيوان أو جماد بناءً على نظريتهم.
- أو أن يعترفوا بمصدر خارج عن نطاق الطبيعة غيبي مستقل بذاته، قد أوجد لهم عقلانيتهم.
فبدون حقيقة وجود الخالق لا يوجد عقل ليعقل به الإنسان، بعد أن فشلت محاولات معرفة مصدر عقلانية ومنطق الانسان من خلال نظرية الانتقاء العشوائي والتي هي عمياء لأي شئ صحيح أو خاطئ.
والخالق واحد أحد ليس له صورة معروفة لدى البشر وليس له ولد، لا يأتي إلى الأرض في صورة إنسان أو حيوان أو صنم أو حجر، خلق المسيح من غير أب كنبي عظيم، وخلق آدم من غير أب ولا أم، فهو يخلق ولا يلد. ويجب اللجوء إليه مباشرة بالطلب وليس من خلال قسيس ولا قديس ولا حتى من خلال نبي الله محمد خاتم الأنبياء.
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري:
“اللَه (الخالق) هو الركيزة الأساسية لكل شيء، الركيزة الأساسية للتواصل بين الناس، لضمان أن الحقيقة حقيقة، فإن نسِي البشر اللَه – الذي هو ركيزة الكون – فكل شيء ينتهي”.