الصلاة لا يمكن أداؤها إلا بضبط الوقت والاتجاه في المكان الصحيح، فاحتاج المسلمون إلى علم الفلك، والزكاة تحتاج إلى إحصاء ودليل وحساب. سنجد أن المجتمع المسلم بدون أن يمارس أي شيء إلا هذه الأعمدة الخمسة يجب عليه أن يبلغ حدًا أدنى من الحضارة، معنى هذا أن الإنسان لا يستطيع أن يكون مسلمًا ويبقى متخلفًا، وتاريخ العلوم الإسلامية تبين لنا أن تطور جميع الميادين العلمية في القرن الأول قد بدأت بمحاولات تحقيق الفرائض الإسلامية بأكبر دقة ممكنة.
علي عزت بيجوفيتش

حضارة دينية وعلمية خالدة:

قامت الحضارة الغربية على علوم المسلمين وحضارتهم، فقد نقل الأوروبيون في بداية عصر النهضة كل ما وقع تحت أيديهم من العلوم والمعارف الإسلامية إلى لغاتهم وكانت هناك مراكز إشعاع حضاري مثل الأندلس وصقلية كان الأوروبيون يأتون اليها لتلقي العلم على أيدي العلماء العرب والمسلمين.

يقول ريتشارد كوك المحامي والسياسي الأمريكي وحاكم ولاية تكساس سابقاً في كتابه مدينة السلام (توفي عام 1897):

إنّ أوروبا لتدين بالكثير لأسبانيا العربية، فقد كانت قرطبة سراجاً وهاجاً للعلم والمدنية في فترة كانت أوروبا لاتزال ترزح تحت وطأة القذارة والبدائية، وقد هيأ الحكم الإسلامي في أسبانيا مكانة جعلها الدولة الوحيدة التي أفلتت من عصور الظلام.

الأديب الفرنسي جوستاف لوبون فى كتاب حضارة العرب يتكلم عن عالمية الحضارة الاسلامية فيقول.

 لم يقتصر فضل العرب والمسلمين في ميدان الحضارة على أنفسهم فقد كان لهم الأثر البالغ في الشرق والغرب فهما مدينان لهم في تمدنهم، وإن هذا التأثير خاص بهم وحدهم فهم الذين هذبوا بتأثيرهم الخلقي البرابرة.

قال أحدهم مستهزئا بمجهود علماء المسلمين:

بينما كان العرب يجمعون صحيح البخاري، انشغل الغرب في صنع المحرك البخاري.

قلت له:

‏الإمام البخاري انتهى من جمع و تصنيف الأحاديث النبوية في عام 854مـ بينما أول محرك بخاري صنع في عام 1770، فبين أحاديث البخاري و المحركات 900عام فلا رابط بين الإثنين.

الجدير بالذكر أن خلال الـ 900 عام هذه من وضع الأساس لعلم الميكانيكا الذي سهل صناعة المحركات هم المسلمون.

إن مخترع أول محرك بخاري ومكتشف القوة البخارية كقوة متحركة هو تقي الدين الشامي الشهير بالراصد.

قفد وضع أول نموذج للمحرك البخاري عام 1552 ثم بعدها بسنوات صنع أول عنفوانة بخارية قبل الايطالي برانكا ب80 سنة والمحرك البخاري قبل الاروبيين 140سنة

وحتي نموذج جيمس واط لأول محرك بخارية تجد عناصره ومكوناته عند الجزري وتقي الراصد و المرادي الأندلسي.

قلت له أيضًا:

عندما كان العرب -المسلمين في أوج الحضارة، كان الغرب لازال يبحث النتيجة النهائية التي خرج بها المؤتمر الشهير:

هل المرأة انسان أم حيوان؟

ومنهم من قال: إنما هي شيطان.

فقد انعقد ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ ﻋﺎﻡ 673 ﻣﺆﺗﻤﺮ أﻭﺭﻭﺑﻲ ﺣﻮﻝ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮأﺓ ﻫﻞ ﻫﻲ إﻧﺴﺎﻥ أﻡ ﺣﻴﻮﺍﻥ، ﻓإﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ إﻧﺴﺎﻥ ﻓﻬﻞ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ أﻡ ﻻ. ﻭإﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﻮﺍﻥا ﻓﻼ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ، ﻭﺑﻌﺪ ﻧﻘﺎﺷﺎﺕ ﺣﺜﻴﺜﺔ ﺗﻮﺻﻠﻮﺍ ﺑﺎلإﺟﻤﺎﻉ أﻥ ﺍﻟﻤﺮأﺓ إﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﻮق!

ومن يثيروا هذه الشبهات لا هم جمعوا الأحاديث النبوية الصحيحة المتمثلة في كتاب صحيح الإمام البخاري، و لا هم صنعوا المحرك البخاري.

وحتى لو صدق كلامهم بأن المسلمين انشغلوا بكتاب البخاري عن التقدم العلمي، فكتاب البخاري أعظم و أهم من التقدم العلمي.

إن كتاب صحيح البخاري يوصل صاحبه الى معرفة الخالق والحياة الأبدية، وكتب العلم توصله لمعرفة المخلوق والحياة الدنيوية والتي لا تقارن باللآنهاية.

فالمروجون لهذه الشبهات لا هم من طلاب الآخرة بمعرفة الخالق، ولا هم من طلاب الدنيا بمعرفة المخلوق.

إن الحضارة الإسلامية بانشغالها بجمع ما صح من أقوال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وانشغالها بحفظ القرآن الكريم، قد أحسنت التعامل مع خالقها، لأنها تكون بذلك قد حافظت على دين يضع العلاقة بين الخالق ومخلوقاته في المكان الصحيح، في الوقت الذي أساءت فيه الحضارات البشرية الأخرى التعامل مع الله، فقد كفرت به، وأشركت معه مَخلوقاته في الإيمان والعبادة، وأنزلته منازل لا تتلاءم مع جلاله وقدره.

والمسلم الحق لا يخلط بين الحضارة والمدنية، فينهج منهج الوسطية في تحديد كيفية التعامل مع الأفكار والعلوم، والتمييز بين:

  • العنصر الحضاري: المتمثل بالشواهد العقائدية، العقلية، الفكرية، والقِيم السلوكية والأخلاق ية.
  • العنصر المدني: المتمثل في الإنجازات العلمية، والاكتشافات المادية، والمُخترعات الصناعية.

المسلم يأخذ من هذه العلوم والاختراعات في إطار مفاهيمه الإيمانية والسلوكية.

على سبيل المثال:

  • الحضارة اليونانية آمنت بالله، ولكنها أنكرت صفة الوحدانية والوجود له، وتصفه بأنه لا يعمل ولا يُريد.
  • الحضارة الفارسية قبل الإسلام، كفرت بالله وعبدت الشمس من دونه وسجدت للنار وقدَّستها.
  • الحضارة الهندوسية، تركت عبادة الخالق وتعبد الإله المخلوق، والمُتجسد بالثالوث المقدس، والمتكون من ثلاث صور إلهية: الإله ” براهما” في صورة الخالق، والإله “فشنو” في صورة الحافظ، والإله ” سيفا” في صورة الهادم.
  • الحضارة البوذية تنكرت للإله الخالق، وجعلت من بوذا المخلوق إلهاً لها.
  • حضارة الصابئين، كانوا من أهل الكتاب وتنكروا لربهم، وعبدوا الكواكب والنجوم.
  • الحضارة الفرعونية مع بلوغها درجة كبيرة من التوحيد والتنزيه للإله في عهد أخناتون، إلا أنها لم تتخل عن صور التجسيم والتشبيه للإله ببعض مخلوقاته كالشمس وغيرها، فكانت رمزاً للإله. وقد بلغ الكُفر بالله ذروته عندما ادعى فرعون في زمن موسى الألوهية من دون الله، وجعل من نفسه المُشرع الأول.
  • حضارة العرب التي تركت عبادة الخالق وعبدت الأصنام.
  • الحضارة النصرانية كما ذكرنا كفرت بوحدانية الله، وأشركت به المسيح عيسى وأمه مريم، وتبنت عقيدة التثليث وهي الإيمان بإله واحد متجسد في ثلاثة أقانيم (الآب، الابن، الروح القدس)
  • الحضارة الرومانية التي تنكرت للخالق بدايةً، وأشركت به عند اعتناقها النصرانية، حيث دخلت عقائدها مَظاهر الوثنية، من عبادة الأوثان ومظاهر القوة.
  • الحضارة اليهودية التي تنكرت لخالقها، واختارت إلهاً خاصاً بها، وعبدت العجل، ووصفوا الإله في كتبهم بصفات بشرية غير لائقة به.

فعندما اضمحلت الحضارات السابقة، وتحولت الحضارة اليهودية والنصرانية إلى حضارتين لا دينيتين، وهما الرأسمالية والشيوعية، فإنه وفقاً لأساليب تعامل هاتين الحضارتين مع الخالق والحياة عقائدياً وفكرياً، فإنهما مُتخلفتين وغير مُتقدمتين، ويتسمان بالوحشية وغير الأخلاقية، وخسروا القيم والأخلاق والغاية من وجودهم، مع وصولهم الذُروة في التقدم المدني، والعلمي والصناعي، لكن ليس بهذا يُقاس تقدم الحضارات.

معيار التقدم الحضاري:

إن معيار التقدم الحضاري السليم، يستند إلى شواهده العقلية، والفكرة الصحيحة عن الخالق والإنسان والكون والحياة، والتحضر الصحيح الراقي، هو الذي يُوصِل إلى المفاهيم الصحيحة عن الخالق وعلاقته بمخلوقاته، ويضع هذه العلاقة في مكانها الصحيح.

وهي تواصل مخلوقات الله معه مباشرة وعبادته وحده، وهذا الدين الإسلامي العظيم الذي أسس لهذه العلاقة بين العبد وربه.

الحق الذي أقره الخالق بالإيمان به على أنه الإله الواحد الأحد الذي ليس له شريك في الملك وليس له ولد، ولا يتجسد في صورة إنسان، حجر أو حيوان.

وعلى الإنسان التواصل مع هذا الخالق مباشرة وليس عن طريق قسيس ولا قديس.

وبالتالي نصل إلى أن الحضارة الإسلامية هي الوحيدة المُتقدمة بين هذه الحضارات، لأنها ببساطة حققت التوازن المطلوب.

الإسلام :بيئة حاضنة للعلم:

قال السائل:

لكن يبقى صنع المحرك البخاري صنع غربي، فالإسلام بيئة طاردة للعلماء، فعلماء المسلمين الذين وضعوا قواعد الميكانيكا وباقي العلوم تم تكفيرهم جميعًا من قبل علماء الدين، بداية من الكندي إلى ابن سينا وابن الهيثم الى ثابت بن قرة الى الفرابي الى ابن رشد.

قلت له:

لقد كانت اكتشافات العلماء المُسلمين هي المعتمدة خلال العصور الوسطى. وَقد كان العلماء المسلمون يتعبَّدون إلى الله بعلمهم، ويتقَّربون به إليه، دون أن يظهر أي تعارض بين العلم المادي والدين، بل كثيرًا ما كان مِن العلماء المسلمين فقهاء في علوم الدِين، ورجال علم في نفس الوقت.

العلم والإيمان:

وإن كان هناك انتقادًا ومأخذًا على بعض علماء المسلمين بخصوص مفاهيهم الخاطئة عن خالق الوجود وتصوراتهم المشوهة، إلا أن هذا لا ينفي حقيقة أن بلاد الإسلام كانت محضنًا للعلم النافع، حتى وإن كان مصدر هذا العلم النافع من غير المسلمين.

فما بالنا إن كان هذا العلم من المسلمين، ولذلك كان من الإجحاف أن يقال: الإسلام بيئة طاردة للعلماء.

علماء المسلمين المؤمنين الصالحين كانوا بالآلاف، وأنت تتكلم عن مجموعة لا يتجاوز عددهم الستة أشخاص.

التقنية العلمية الإسلامية:

قال السائل:

إن التقنية الإسلامية في مجالات الهندسة الميكانيكية كان لها فقط طابع التسلية واللعب وتزجية أوقات الفراغ.

قلت له:

يشهد على بطلان هذا الزعم غير المنصف تلك الدواليب المائية التي كانت تستخدم لتدوير المطاحن ومعاصر القصب وعصر الحبوب والبذور، وفي رفع المياه للسقي.

وقد استخدم المسلمون طاقة الماء والهواء على نطاق واسع، وكانت العلاقة وثيقة بين العلوم النظرية وتطبيقاتها التقنية في مجالات الحياة العملية التي شملت تصميم المدن ومنشآت الري والسدود والأبنية والآلات وغيرها.

وقد كان المهندسون والتقنيون في عصر الحضارة الإسلامية يتبعون المنهج العلمي في أعمالهم ويبدؤون برسم المخططات في الحالات الصعبة ثم يصنعون نموذجًا مصغرًا لما ينوون تنفيذه.


وإلى هذا يشير “ج . كراوثر” في كتابه قصة العلم قائلا:

كان من الطبيعي بعد أن اطمأنوا إلى قوتهم العسكرية ومعتقداتهم الإيمانية -يعني المسلمون -أن يتجهوا لتشييد المدن الرائعة ودراسة ثقافة الحضارات التي دانت لهم وكان العرب المسلمون أمة جديدة بلا تراث علمي سابق، فقرأوا التراث الفكري للقدماء بعقول متفتحة بلا خلفيات تعوقهم . ولذلك وقفت الثقافات اللاتينية والإغريقية والهندية والصينية جميعا بالنسبة لهم على قدم المساواة ، وكان من نتائج هذه العقلية المتعطشة للمعرفة عند المسلمين أنهم أصبحوا بالفعل المؤسسين الحقيقيين لمفهوم العالمية في المعرفة أو وحدة المعرفة الإنسانية. وهي إحدى السمات بالغة الأهمية بالنسبة للعلم الحديث.

قلت للسائل مستطردة:

لكن حدث تزوير وتزييف للحقائق وخرق مبدأ الأمانة العلمية في النقل، فنسبت الإكتشافات والاختراعات إلى غير أهلها، هذا ولا ننسى الكتب التي سرقت أو أتلفت أو أحرقت أثناء سقوط الدول الإسلامية نموذج ما فعله التتار في بغداد وما فعله الصليبيين في الأندلس وغيرها.

لماذا تخلفنا:

قال السائل:

انظري إلى تخلف المسلمين وانتشار الإلحاد في بلاد المسلمين:

قلت له:

أنت لا زلت تتكلم عن أفراد، الإسلام أسرع الأديان انتشارًا بإحصائيات عالمية وباعترافات دولية.

ومع ذلك فإن ابتعاد بعض المسلمين عن دينهم الصحيح وعجزهم عن نشر مبادئ الإسلام بصورة صحيحة ساهم في العقود الأخيرة بازدياد نسبة الملحدين والمشككين والحائرين في العالم.

ولقد تقدم الناس في الغرب بالعلوم والمعارف عندما تركوا المعتقدات الخاطئة والتي كانت تقوم على أساس الدين المشوه لديهم، وأخذوا بأسلوب العلم والمنطق، لكن مع توجههم للعلم بطريقة سليمة كانوا قد خسروا القيم والأخلاق والغاية من وجودهم بتغاضيهم عن اعتناق الدين الصحيح.

وما كان عطاء ربك محظورا:

قال:

وكيف تتطور دول ملحدة وتتخلف دول مؤمنة بالله؟

قُلت له:

وهل يُعطي مُدير المدرسة لابنه الفاشل شهادة النجاح، لمُجرد أنه ابنه فقط؟

هناك قوانين وأنظمة يجب أن تُتبع في هذه المدرسة، ويُحدَّد بناءً عليها الناجح والراسب. لكن هذا لا يُغير واقع أن مدير المدرسة يحب ابنه أكثر من الجميع وهو حامل اسمه ووريثه الوحيد.

قلت له أيضًا:

فالكون كالمدرسة له قوانينه وسُننه، ولقد حقق غير المؤمنين التقدم المادي والتطور التكنولوجي بسبب أخذهم بالقوانين الكونية والسنن الإلهية، ومن ثم استطاعوا بناء أنظمة سياسية جيدة، وأنظمة تعليمية وتربوية قوية وذات معايير منهجية.

وكان هذا التقدم المادي فقط لمن أخذ منهم بزمام السنن الإلهية والقوانين الكونية، وهذا دليل على أن النجاح الدنيوي لا يُحابي أبيض ولا أسود، والعدل من أسمائه عز وجل، والظلم من أقبح ما حذرنا الله منه. ولكن مع هذا فالله لن يُعط غير المؤمن الآخرة التي هي لعباد الله المؤمنين وأحبائه.

كلمة أخيرة:

إن العرب هم الذين علموا العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين.
“الأديب الفرنسي غوستاف لوبون”

يقول الأديب الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب:

إن حضارة العرب المسلمين قد أدخلت الأمم الأوربية الوحشية في عالم الإنسانية، فلقد كان العرب أساتذتنا وإن جامعات الغرب لم تعرف موردًا علميًا سوى مؤلفات العرب، فهم الذين مَدَّنوا أوروبا مادةً وعقلًا وأخلاقًا، والتاريخ لا يعرف أمة أنتجت ما أنتجوه. إن أوروبا مَدينة للعرب بحضارتها، وإن العرب هم أول من علم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين فهم الذين علموا الشعوب النصرانية، وإن شئت فقل: حاولوا أن يعلموها التسامح الذي هو أثمن صفات الإنسان، ولقد كانت أخلاق المسلمين في أدوار الإسلام الأولى أرقى كثيرًا من أخلاق أمم الأرض قاطبةً.

فكما شهد هذا الأديب الفرنسي، فإن في الحَضارة الإسلامية لم يَظهر ما يُسمّى بالنزاع بين العِلم والدِّين كقضية، بل قد اعتبر العُلماء الطبيعيون والفلكيون والرياضيون أنفُسهم في عبادة.

إن الاسلام ينظر للحياة كما ينبغي أن تكون، إن ما يتطلع اليه الناس هو دين مُتوازن يُلبِّي الحاجات الروحية التي لا غِنى عنها، ولا يُهمِّش الحاجات المادية للإنسان.

الدين يدعو إلى الوسطية، وهو المبدأ الذي شدَّد عليه الدين السماوي الخاتم الذي جاء به خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، ليُصحح الخطأ الذي وقعت فيه الأمم السابقة، والذي أدى لتشويه مَفهوم الدين وربطه بالروحانيات فقط، وبالتالي أدَّى إلى انتشار الخرافات، مِمّا أدَّى إلى صرف الناس عن الدين بالكُلية.

إضافةً إلى أن الدين أصبح مُستغلاً لتحقيق أهداف ومآرب خاصة، ومستخدمًا كوسيلة للضغط على الشعوب، وهذا ما دفع كثير من الدول لاتباع نهج ما يُدعى ب “العلمانية “، وهو فصل الدين عن الدولة.

وإذا ما رغِبنا في استرجاع أمجاد الماضي، فلا بُد مِن تَصويب الوَضع، وإعادة تَرتيب الأولويات.

فالدين عندنا صحيح ومعتقداته سليمة، ويحث ويُحفز على العلم بأسلوب روحي، عقلي ومنطقي، ويرفض البدع والخرافات، فالأساس عندنا موجود ولا ينقصه إلا البنيان، لإعادة بناء الحضارة من جديد.


مرجع:

لماذا الدين؟ رحلة من الذاكرة؟

فاتن صبري

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *