” الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَأنت عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”. (ال قرءان7: 157)

حتى مولد المسيح عيسى عليه السلام كان بنو إسرائيل (يعقوب) ينتظرون قدوم نبي والمسيح.

” وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت. فاعترف ولم ينكر وأقرّ أنى لست أنا المسيح. فسألوه إذا ماذا. ايليا أنت. فقال لست أنا. النبي أنت. فاجاب لا”. (يوحنا 1: 19-21)

ولا يزال بنو إسرائيل (يعقوب) ينتظرون النبي المتنبأ به في سفر التثنية.

” أقيم لهم نبيًا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به”. (التثنية 18: 18)

لا يؤمن المسلم أن العهد القديم والجديد هما وحي من الله، لكن يؤمن بأن كلاً منها له أصل صحيح، وهما التوراة والإنجيل اللذان نزلا على أنبياء الله موسى وعيسى المسيح، لذلك قد يوجد في العهد القديم والعهد الجديد ما تبقى من الحق، وهو الإيمان بالخالق الواحد الأحد ، والبشارة بقدوم خاتم الأنبياء.

ويُفهم جيدًا من الفقرة السابقة في سفر التثنية أنها تُشير إلى النبي محمد عليه الصلاة السلام. وقد جاء كلاً من موسى ومحمد عليهم السلام بعهد جديد للناس في زمانهم. بينما لم يأت المسيح عليه السلام بعهد جديد، بل جاء مؤكدًا وشاهدًا على شريعة نبي الله موسى الموجودة. ونجد أن:

  • ميلاد أنبياء الله موسى ومحمد طبيعيًا.
  • وفاة أنبياء الله موسى ومحمد طبيعية أيضًا.
  • نجح كلاً من موسى ومحمد عليهم السلام في تحقيق قيادة وسلطة على مجتمعهما.
    وذكرت الفقرة” من وسط إخوتهم”. وهم إخوة؛ لأن إسماعيل وإسحاق أولاد نفس الأب وهو النبي إبراهيم.
    لذلك فإن أبناء الواحد يكونوا “إخوة” لأبناء الآخر حسب العهد القديم. وأبناء يعقوب (ابن إسحاق) هم اليهود وأبناء إسماعيل هم العرب فيكونوا بذلك “إخوتهم”. وقد أكد العهد القديم على هذا في الفقرةالتالية:
    وسكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجيء نحو آشور. أمام جميع إخوته نزل”. (التكوين 25: 18)
    كما أكد العهد القديم أيضًا على أن النبوءة ستكون لنبي من العرب وليس من بني إسرائيل.
    ولم يقم بعد نبي في اسرائيل مثل موسى، ….”. (التثنية 34: 10)
    واستمرت الآية: ” وسأضع كلماتي في فمه”. فكلمات القرآن جميعها كانت من الملك جبريل عليه السلام، وليس منها ما هو كلام محمد عليه الصلاة والسلام، بل أعاد فقط ما “وضع في فمه”.
    ” أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف القراءة ويقال له اقرأ هذا فيقول لا أعرف القراءة”. (أشعياء 29: 12)
    وكما هو معروف أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام كان أميًا، وعندما طلب منه الملك جبريل أن يقرأ قال: لا أعرف القراءة.
    وبعد إنكار (نبوة المسيح)، آخر نبي لبني إسرائيل، جاء وقت تحقيق وعد الله وهو أن يجعل من إسماعيل أمة كبيرة.
    وأما اسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرًا جدًا. اثني عشر رئيسًا يلد وأجعله أمة كبيرة”. (التكوين 17: 20)
    ويؤكد المسيح عليه السلام على انتقال القيادة الدينية إلى العرب.
    لذلك أقول لكم أن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل اثماره”. (متى 21: 43)
    كما يؤكد المسيح أيضًا على نبوة النبي محمد.
    وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم”. (يوحنا 14: 16- 17)

ووفقًا للمسيحية اليوم فإن المعزي الذي ذكره المسيح في هذه الفقرة هو الروح القدس – الذات الثالثة في الثالوث الذي يعتقدون به. وعلى الرغم من ذلك، فإن المسلمون يعتقدون أن هذه النبوءة كانت عن النبي محمد. وتثير دائما كلمة التي “Paraclete” جدلاً واسعًا. ويدور الجدال حول كلمة “Paraklytos” في الإنجيل اليوناني كانت أصلا “Periklytos” وتغيرت خلال ترجمتها من السريانية إلى اليونانية. كما أن كلمة “Paraclete” تحمل معنيين في اليونانية:

معزي ومؤيد ومساعد: (παρακλητος) Paraklytos كما يعتقد بها المسيحيون اليوم . وهذا يعتمد على نطق الكلمة الذي يحتوي على صوت حرف العلة “a”.

محمد أو أحمد (الإنسان الممدوح): (Περικλητος) Periklytos كما يعتقد المسلمون. أما نطق الكلمة هنا يكون بدون صوت حرف العلة “a”.

وبالإضافة إلى أن المعنى الثاني تؤيده الأدلة، فإن كلا المعنيين ينطبق على النبي محمد. ونذكر بعضا من هذه الأدلة كالآتي

:قد أثبت أن اللغة السريانية لا تحوي حروف العلة حتى القرن الخامس. فهي تحوي حروف الصحاح فقط، أما حروف العلة فقد أدخلت بعد القرن الخامس، من خلال نظام وضع النقاط فوق أو تحت الحروف، لتشير إلى أصوات حروف العلل. ولنطق صوت حرف “a” بالأخص توضع نقطة فوق وتحت الحرف. وترجم هذا الصوت إلى a أو ă (ويطلق عليه في اللغة السريانية (Pṯāḥā . ويمكن أن نستنتج من هذا أن نطق اللغة السريانية لا يحوي صوت حرف” a” وأن إضافة الحرف’ a‘ كان ترجمة خاطئة ليوافق لوازم اللغة اليونانية أو لإخفاء حقيقة نبوءة النبي محمد. لذلك فإن الكلمة Paraclete تشير إلى المعنى الثاني وهو أحمد أو محمد (الإنسان الممدوح).

2- كما أن الترجمة الحرفية لكلمة comforter في اللغة اليونانية هي “Parakalon”أو “Parygorytys” وقد استخدمت هاتين الكلمتين في مواضع مختلفة في الإنجيل بمعاني مختلفة. لذلك يجب أن يكون للكلمة “Periklytos” معنى فريد.

3- وبالإضافة إلى ذلك فإن حرف “s” في نهاية الكلمة يشير عادة إلى اسم شخص مذكر مفرد، وليس صفة في اللغة اليونانية.

4- وبتحليل آيات القرآن وفقرات العهد الجديد نجدها تؤيد كثيرًا نبوة محمد.

وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إليكم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ”. (القرآن 61: 6)

من هو الُمعزّي (البارقليط)؟

المعزي هو رجل:

أيها الاحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الارواح هل هي من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم”. (يوحنا الأول 4:1)
فيمكن أن تُطلق كلمة “روح” على إنسان. ووفقًا لما ذُكر في التاريخ، فقد فهم كثير من النصارى القدامى أن “المعزي” رجل وليس روح. فقد ادعى رجال كثيرون قبل النبي محمد أنهم “المعزي” المرتقب. وكان النجاشي ملك الحبشة نصرانيًا ينتظر قدوم “المعزي”.

يتكلم المعزي بما يسمع :

وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية”. (يوحنا 16: 13)
وفي الحقيقة هذا وصف لنبي وليس لإله. فالنبي يتكلم بما يسمعه من الله. وهذا دليل على أن الفقرات لا تشير إلى الذات الثالثة في الثالوث (كما يعتقد المسيحيون اليوم )، بل تشير إلى نبي يرسله الله. (ويخبركم بأمور آتية) كما فعل النبي محمد عليه الصلاة والسلام. ومثال ذلك انتصار الرومان بعد هزيمتهم على أيدي الفرس. وقد ذُكر ذلك في القرآن.

” غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأرض وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ”. (القرآن 30: 2-5)

تتحدث هذه الآيات عن هزيمة البيزنطيين على أيدي الفرس في معركة أنطاكيا. وقد كان وعد للمسلمين أن تنقلب الهزيمة ” في بضع سنين ‘إلى انتصار للبيزنطيين. وقد كان انتصارهم أمرًا مهمًا للمسلمين، لأنهم كانوا نصارى ويُعدوا من أتباع دين سماوي. بينما يُعد الفُرس من أتباع الديانة الزرادشتية، وهي ديانة وثنية. وقد دارت المعركة في المنطقة المحيطة بالبحر الميت، (يقع في أخدود وادي الأردن). والحقيقة المثيرة للاهتمام والتي اكتشفت مؤخرًا من خلال الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الحديثة اليوم، أن المنطقة المحيطة بالبحر الميت هي الأقل ارتفاعًا على الأرض. وهذه معجزة قرآنية ، فلم تكن هذه الحقيقة معروفة أو متوقعة لأحد في القرن السابع، حيث لم تكن الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الحديثة متاحة في ذلك الوقت. والتفسير الممكن الوحيد هو أن النبي محمد قد تلقى وحيًا إلهيًا من الله خالق الكون ومُبدعه.
وبعد حوالي 7 سنوات من نزول الوحي بهذه الآيات القرآ ن انتصارًا مدهشًا على الفُرس. فتحقق وعد الله بانتصار الرومان في القرآن بإعجاز.

يُدين المُعزّي العالَم :

ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة”. (يوحنا 16: 8)

وقد أدان القرآن الكريم اليهود على عدم إيمانهم بالمسيح عيسى كنبي أرسله الله، كما أدان النصارى على اعتقادهم بالثالوث وبأن المسيح هو الله: وهذا يعد ذنبًا أيضًا، فلم يدعي المسيح أنه الله أو ابن الله المولود قط. وعندما أشار المسيح عن نفسه في العهد الحديد بأنه ابن الله أوضح أنه ليس الإبن المولود، ولكن نحن كلنا أبناء الله مجازًا بمعنى عبيد الله .
إني اصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم”. (يوحنا 20: 17)

ووفقًا لما جاء في أعمال الرسل (يوم الخمسين)، عندما نزل الروح القُدس إلى الأتباع جعلهم يتكلمون بلغات مختلفة لكنهم لم يدينوا العالم ولم يبشروا بالمسيح.

فإذا كان المعنى المقصود من هذه الفقرة أن الروح القدس سوف يقنع الكافرين، فلا حاجة لدعوة المبشرين إلى النصرانية والدفاع عنها فقد أنجز الروح القدس هذه المهمة.

المُعزّي يأتي بعد رحيل المسيح :

لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن انطلق. لأنه أن لم انطلق لا يأتيكم المعزي. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم”. (يوحنا 16: 7)

لا يمكن أن يكون هذا إشارة إلى الروح القدس (الملك جبريل بالنسبة للمسلمين) وقد كان موجودًا بالفعل. فقد جاء الروح القدس إلى مريم (لوقا1: 35)، وجاء إلى سمعان (لوقا 2: 25)، كما جاء في أحداث أخرى ذُكرت في العهد القديم والجديد. وعلى الرغم من هذا لم يكن محمدًا موجودًا وبذلك يبدو منطقيًا أن الفقرة تُشير إلى مجيء محمد عليه الصلاة والسلام بعد رحيل المسيح.

المُعزّي يُرشد إلى الحق:

” وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم”. (يوحنا 14: 26)

وينطبق هذا على النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فقد علَّم أتباعه ما يجب أن يعتقدوه، وما عليهم أن يفعلوه، وما عليهم أن يجتنبوه، من خلال ما يُوحيه الله إليه. كما علم النبي محمد أتباعه القرآن. وذكَّرهم أيضًا بما قاله المسيح.
فاجابه يسوع أن أول كل الوصايا هي اسمع يا اسرائيل. الله إلهنا رب واحد”. (مرقس 12: 29)
حينئذ قال له يسوع: اذهب يا شيطان. لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد”. (متى 4: 10)
وقد ذكَّر محمد عليه الصلاة والسلام العالم بالعقيدة الخالصة وهي (الإيمان بإله واحد وتوحيده في العبادة)

” قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا “. (القرآن 18: 110)

المُعزّي يُمجِّد المسيح :

ذاك يمجدني… . (يوحنا 16: 14)”

احترام محمد عليه الصلاة والسلام وتمجيده للمسيح :
1- قال النبي محمد: “أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، في الأُولَى وَالآخِرَةِ قالوا: كيفَ؟ يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: الأنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِن عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، فليسَ بيْنَنَا نَبِيٌّ (بين المسيح وبيني).
2- وذُكر اسم المسيح في القرآن الكريم أكثر من اسم النبي محمد (25مرة مقابل4مرات).
3- فُضلت مريم العذراء أم المسيح على نساء العالم وفقًا لما جاء في القرآن.
4- كما أن مريم العذراء هي الوحيدة التي ذُكرت باسمها في القرآن .
5- وهناك سورة كاملة في القرآن الكريم باسم السيدة مريم.
6- وقد أخبرنا النبي محمد عليه الصلاة والسلام أن أمه لن تنجو بينما ستنجو أم المسيح عيسى. كما أمرنا بأن نحترمها ونحبها وأن نتبعها في عبادتها لله، لكن لا نعبدها أو نعبد ابنها المسيح نبي الله.

” لا يمكن أن تشهدوا الآن”، فقد أخبر المسيح أتباعه بأنهم لن يمكنهم أن يشهدوا الحق الآن. وقد جاء النبي محمد بالحق عن المسيح وعن الله. فقد جاء بالقرآن الذي حفظه الله من أي تغيير حتى يوم القيامة؛ شهادة للحق إلى االأبد.


مرجع :

كتاب عين على الحقيقة

فاتن صبري

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *