كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ:
أذكر أن أثنت عليّ مُدرسة اللغة الألمانية مرةً قائلة: من زرع فيك كل هذه الطاقة في حب العلم وبذل المجهود والمال والصحة في الدراسة والعمل ورعاية أولادك؟ قلت لها: من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك. قالت: عجيب! قمة في الحكمة، أنتم نوع فريد من البشر، فتذكرت حينها الآية الكريمة ” كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ”[1]، وحمدت الله كثيراً.
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ:
وفي حوار لي مع مجموعة من حملة شهادة الدكتوراه، كانوا قد جاءوا في زيارة لحضور مؤتمر دولي، وأثناء زيارتهم للمسجد، سألني أحدهم عن خطيئة آدم، واستهزأ قائلاً: فعلها آدم بسبب حواء وتحملناها نحن مدى الحياة.
قلت له: هذا في عقيدتكم، أما في الإسلام فقد غفر الله لآدم، وعَلَّمنا كيف نعود إليه متى أخطأنا على مر الحياة، إنها ليست الخطيئة الأصلية، إنها العفو الأصلي.
ولا يوجد أي إشارة في القرآن الكريم أن حواء هي المسئولة عن خطأ آدم .
” فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ“[2] .
وبذلك فإن النساء لا تتحمل أي وزر من خطيئة آدم، بل حرص الإسلام على رفع شأن المرآة. وقد لعبت المرأة دوراً كبيراً في كثير من القصص التي ذُكرت في القرآن، مثل بلقيس ملكة سبأ وقصتها مع النبي سليمان والتي انتهت بإيمانها واسلامها لرب العالمين.
“إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ “[3].
قال: وهل يستطيع أي إنسان أن يصبح مسلماً؟
قلت له: بالتأكيد.
قال: وكيف ذلك؟
قلت له: كل طفل يولد عابداً لله بفطرته، فهو دون تدخل الأهل أو المدرسة أو أي جهة دينية يعبد الله مباشرة، حتى سن البلوغ، فيصبح مكلفاً ومحاسباً على أعماله، فحينها إما أن يأخذ المسيح وسيطاً بينه وبين الله ويصبح نصرانياً، أو يتخذ بوذا وسيطاً ويصبح بوذياً، أو كريشنا ويصبح هندوسياً، أو يتخذ محمداً وسيطاً ليحيد عن الإسلام تماماً، أو أن يبقى على دين الفطرة عابداً لله وحده، وحينها صفقت المجموعة.
قال: لماذا لا يُسمح لغير المسلم دخول مكة؟
قلت له: حتى المسلم الذي يتخذ من محمد عليه الصلاة والسلام وسيطاً بينه وبين الله غير مُرحب به في مكة، ويُطلب منه التوقف عن التوسل بالرسول الكريم أو مُغادرة المكان.
قال: ألا تجدون ذلك ضد التسامح؟
قلت له: وهل تستطيع شراء الخضار من البنك في بلدك؟
قال: لا.
قلت له: لماذا؟
قال: لأن البنك فقط للمعاملات المالية في حين أن شراء الخضار يكون من السوبرماركت.
قلت له: إذاً حارس البنك لا يكون غير متسامح عندما يقول لك: هذا المكان للمعاملات المالية، اذهب إلى السوبرماركت لشراء الخضار.
قلت له مستطردة: مكة المكرمة عبارة عن مكان خُصص لعبادة الله وحده بدون وسيط، وهو للعبادة فقط وليس للسياحة، وليس من المنطقي أن يأتي البوذي إلى هذا المكان ويلجأ إلى بوذا بالطلب، ويأتي النصراني ليلجأ إلى المسيح بالطلب، أو حتى المسلم يأتي ليلجأ إلى النبي محمد بالطلب، من أراد أن يعبد غير الله، فلا يأتي إلى بيت الله.
قال أحدهم: لماذا يُرسل الله إلى الناس رسلاً بشراً مثلهم؟ لماذا لا يُرسل إليهم ملائكة؟
قلت له: إن الذي يناسب البشر هو بشر مثلهم يكلمهم بلغتهم ويكون قدوة لهم، ولو أرسل إليهم ملَكاً رسولاً وفعل ما استصعب عليهم، لاحتجوا بأنه مَلَك يستطيع ما لا يستطيعون.
“قُل لَّوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولًا “[4] .
“وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ”[5].
قال: أنا أؤمن بالله ولا أؤمن برسالة محمد ولا بعيسى، ولا أؤمن أن الله يرسل رسلاً.
أدركت من تعليقه أنه من الديانة اليهودية، وقلت له: إنك لو عرفت الله تعالى حق المعرفة، لعلمت أنه لا يمكن أن يخلق الناس ثم لا يمدهم بما تحتاج إليه أرواحهم من هداية، كما تفضل عليهم بكل ما تحتاجه أجسامهم من طعام وشراب وأرض وهواء وشمس وقمر، بل يتركهم يقعون في التباس وحيرة وقلق، ثم إذا كنت لا تؤمن بأن الله يرسل رسلاً، فكيف تؤمن بموسى؟ من الذي أرسل إليه الكتاب الذي جاء به؟
“وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ “[6].
قال: وما الدليل على نبوة محمد؟
قلت له: الدليل على صدق نبوته تجدها في سيرته، فقد عُرف رجلاً صادقاً أميناً، وقد كان أُمياً لا يقرأ ولا يكتب.
“وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ”[7].
وكان الرسول أول من يطبق ما يدعو إليه، ويصدق أقواله بالأفعال، وأنه لم يكن يطلب أجراً دنيوياً على ما يدعو إليه، فعاش فقيراً كريماً رحيماً متواضعاً، وكان أكثرهم تضحية وأزهدهم فيما عند الناس.
“أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ “[8].
وقدَّم أدلة على صدق نبوته بما أتاه الله من آيات القرآن الكريم الذي جاء بلغتهم وكان من البلاغة والفصاحة ما يجعله يعلو على كلام البشر.
“أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا “[9].
” أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ “[10].
“فإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”[11].
قال: ما الفرق بين النبي والرسول؟
قلت له: النبي من أُوحي إليه ولم يأتِ برسالة أو منهج جديد، وأما الرسول فيبعثه الله بمنهج وشريعة تناسب قومه، (التوراة، الإنجيل، القرآن، صحف إبراهيم، الزبور).
قال: هل الإمام في الإسلام مثل القسيس في النصرانية؟
قلت له: كلمة إمام تعني من تقدم قومه بالصلاة أو برعاية شؤونهم وقيادتهم، وهي ليست رتبة دينية محصورة في أشخاص معينين، ولا يوجد طبقية في الإسلام، والناس كلهم سواسية كأسنان المشط، والأولى بإمامة الصلاة هو الأكثر حفظاً والعارف بما يلزم معرفته من الأحكام المتعلقة بالصلاة، ومهما حصل الإمام على احترام من المسلمين فإنه في كل الحالات لا يسمع لاعتراف ولا يغفر الذنوب كما هو الحال عند القسيس.
قال: ما الفرق بين الفكر الإسلامي والفلسفة؟
قلت له: الفكر الإسلامي هو مجموعة العلوم والمعارف القائمة على أسس وضوابط إسلامية، وإذا كان مخالفاً لهذه الضوابط فهو فكر غير إسلامي.
والفلسفة في الأصل هي البحث عن الحكمة، وعرفها سقراط بأنها البحث العقلي عن حقائق الأشياء المؤدية إلى الخير، وهي بهذا المعنى أمر حسن، ولكن واقع الفلسفة هو الخوض في علم الكلام، وتحكيم العقل في العقائد ومنها الإلهيات والنبوات والغيبيات وغيرها دون التصديق بالوحي، وهذا يناقض بديهيات العقيدة.
قال: ما الفرق بين النبي والفيلسوف؟
قلت له: إن معرفة الحقائق القصوى مصدرها الله، والفيلسوف يعتمد على عقله ومنطقه في استنباط الحقائق، وإدخال مفاهيم فلسفية فيها، ويتجاهل محدودية تفكيره كبشر. أما الرسول فتأتيه الحقائق مُنزلة من عند الله عن طريق الوحي. ولا مقارنة بين الرسول والفيلسوف، فعلى الفيلسوف أن يتبع الرسل وليس على الرسل أن تتبع الفيلسوف، فالرسول مبعوث والفيلسوف مبعوث إليه، والوحي حاكم والعقل محكوم عليه.
قال: وما هو الشرع الجديد؟
قلت له: هو: التشريع الذي يحوي شيئًا جديدًا، لم يكن في التشريع السابق.
“وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ۚ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ “[12].
قال: الكون هو المصدر الوحيد للمعرفة ولا مكان للوحي.
قلت له: بل كلاهما معاً، الكون والوحي، أي خَلْق الله ووحي الله.
فمصادر العلم عند المسلم هي الكون والوحي، ووسائله هي الحس والعقل، وأما المنهج فيختلف باختلاف نوع العلم ونوع المصدر.
“قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَتٍ مِّنْهُ ۚ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا “[13] .
الآية تشير هنا إلى أن عبادة غير الله تتضمن الادعاء بأنهم آلهة، والإله لابد أن يكون خالقاً، والدليل على أنه الخالق يكون إما بمشاهدة ما خلقه في الكون، وإما بوحي من الإله الذي ثبت أنه خالق، فإذا لم يكن لهذا الادعاء دليل، لا من خلق الكون المشهود، ولا من كلام الإله الخالق، كانت بالضرورة باطلة.
قال: وما رأي الإسلام في نظرية المعرفة؟
قلت له: إذا كنت تقصد بنظرية المعرفة بأنه القول المطابق للواقع، فهذا ما جاء به الإسلام.
كان بعض العرب يعتقدون أن الرجل الذكي له قلبان، وكان الواحد منهم إذا غضب من زوجته قال لها أنت كأمي، وكان الواحد منهم يتبنى ابن غيره وينسبه إلى نفسه كأنه ولده، كما يفعل الناس الآن في الغرب. فحَكَمَ الله تعالى على كل هذه الدعاوى بأنها مجرد كلام لساني، وأنها مُخالفة للحق.
“مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ۚ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ “[14].
“ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ”[15].
وهذا هو الفرق بين الحق والباطل، فالحق يعكس العلم الحقيقي المطابق للواقع، وأما الباطل فهو وهم.
القرآن الكريم يؤكد على إمكانية اكتساب العِلم بعد ولادة الإنسان.
“وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ “[16].
والحواس كالسمع والبصر مرتبطة كلها بالدماغ، هي مصدر المدخلات، ويقوم العقل بعملية تفكيك هذه المدخلات (عملية التعقل)، فتنتج الفكرة التي ترتبط بالشعور الذي يدفع الإنسان إلى سلوك مُعيَّن، والعقل هو الذي يحول المادة الآتية عن طريق الحواس إلى أشياء لها معنى بالنسبة للإنسان، ويعرض العقل على القلب الأفكار والخواطر والتي بضوئها تنفعل له عضلة القلب، ويقوم بدوره بالتصديق عليها. ويمكن تشبيه ذلك ببطارية موجودة في جوف الدماغ ومربوطة بسلك عصبي بمصباح موجود في عضلة القلب، فالمصباح يضيء من هذه البطارية التي في الدماغ، ولذلك نرى في القرآن الكريم قول الله تعالى:
“وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ “
أي أن الضلال في عقل الإنسان يُطفأ نور القلب الذي في الصدر، وهو انعكاس ما في باطن الإنسان من أفكار ضالة.
وأكثر الحواس ارتباطاً بالعقل هو السمع.
الإنسان يسمع:
أصواتاً للأشياء الطبيعية كالرعد والريح والطيور.
الكلام، وهو أصوات تدل على معاني، ويستعمل القرآن الكريم السمع غالباً بهذا المعنى.
أما الذي لا يعقل الكلام ولا يستفيد منه، فإن القرآن يشبهه بالدابة التي لا تسمع من الكلام إلا الأصوات.
“أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا”[17].
“وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ”[18].
وأما الكلام فمنه ما هو حق ومنه ما هو باطل، ولا سبيل إلى معرفة ذلك بالحس وحده، فلابد أن ينضم إليه العقل فيقرر أولاً ما إذا كان الكلام متناقضاً أم مُتسقاً، فإذا وجده متناقضاً حكم ببطلانه.
ومع أن الإنسان يخرج من بطن أمه لا يعلم شيئا، لكن عقله يأتي مفطوراً على التوحيد.
فنقرأ في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه”[19].
نفهم هنا أن:
الإنسان يولد وفي عقله بذرة التوحيد، أي الإقرار بأنه لا إله يستحق أن يُعبد إلا الإله الخالق الواحد.
الإنسان يولد بفطرة لا يناسبها إلا الحقائق والأحكام التي جاء بها الإسلام كمعتقد وسلوك.
“فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ..”[20].
ولذلك فإنه لا يشعر بالطمأنينة والراحة النفسية إلا إذا كان مُسلماً عابداً لله.
“الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ “[21] .
قال: هل الحقيقة نقيضاً للجمال والفن والثقافة في الإسلام؟
“كنت قد قرأت مسبقاً في هذا الصدد فأجبته بثقة: “الحقيقة” في الإسلام صيغت لتتوافق والذوق الجمالي المرهف، وتخـاطب فطرة الإنسان، وتشير إلى ما تتحقق به سعادته في الدنيا والآخرة.
“قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ “[22].
إن النص القرآني الكريم يقرن الظواهر الجمالية كلها بضرورة شكر خالقها، كما أن نصوص الحديث الشريف بينت أن المسلم مطالب بإظهار نعم الله عليه بالزينة الظاهرة والباطنة، واعتبرت ذلك من شكر الله ومحبته.
رسول صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله جميل يحب الجمال”[23].
والجمال هنا يأخذ مشروعيته من تعاليم الإسلام التي تحض المسلم على أخذ الزينة في كل تفاصيل حياته اليومية، بدءا من التطهر للصلاة والاهتمام بجمال المظهر والمـلبس والمسكن والمركب، مرورا بجماليات التواصل والتخاطب، والتوجيهات الـمرتبطة بالمبالغة في التزين في العلاقات الزوجية، وهي علاقة يحيطها الإسلام بهالة من التوصيات الجمـالية التـي لا تغفل تفاصيل الكلمة الجميلة، والنظرة الحانية، وانتهاء بالآداب المختلفة لقضاء الحاجة والسواك والتطيب وانتقاء الجميل من الثياب، وهي تربية جمالية موجهة وقاصدة، تهدف إلى تشكيل السلوك الجمالي للمسلم، ويتجلى في إبداعه اليومي، ركوعا وسجودا، دعاء وابتهالا، صياما وتهجدا، كتابة وتأليفا، رسما ونقشا، بناء ومعمارا.
في الواقع مشكلة تناقض الدين مع الجمال هذه مشكلة غربية وليست إسلامية، فإن تزعزع القيم الدينية في الغرب، والموقف السيء الذي وقفه المفكرون والأدباء والفنانون عامة من التصورات الكنسية وتاريخها، قد ساعد على محاولة إقصائها عن الحياة والفكر والفن بصفة عامة، كما حدث بينها وبين السياسة والعلم.
إن العالـم اليوم في أمسّ الحاجة إلى إنتاجات جمالية تُرجع الإنسان إلى إنسانيته، وتحقق له السعادة التي افتقدها في غمرة انشغالاته المادية، وعدم قدرته على المواءمة بين متطلبات الروح وحاجات الجسد، بعد أن تبلدت أحاسيسه وصار يستهلك كل ما تلفظه وسائل الإعلام من مواد، والتي تصل بيوتنا اليوم، والتي ضيقت وعي الإنسان وجعلته أسيرا للشاشة الصغيرة في البيت.
يقول “بريجنسكي” مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في كتابه “الانهيار”: “نحن أصبحنا مجتمع إباحة الاستباحة؛ الفرد لدينا استباح كل شيء، ولـم يعد في قاموسه كلمة حرام أو محرم؛ وبهذا لا تستقيم حضارة ولا تستمر، السفينة كلها تغرق ولا يـملك أحد إنقاذها، وإنقاذها مرهون بالعودة إلى الدين والأخلاق”.
قال: الفن والجمال هما مصدر الثقافة.
قلت له: الثقافة هي التي تنتج الفن والجمال لا العكس.
“ويلس” عالـم الأثنوجرافيا الثقافية يقـول:
” إن الحدود بين الفنون وغير الفنون، يجب أن يعـاد رسمـها أو إلغاؤها كلية، فمن الضـروري ألا يُكتفى بنقد وجهة النظر القائلة بأن المساهمة في الفن تنتج الثقافة، بل يجب علينا الإعلان عن أن الثقافة هي التي تقوم فعليًّا بإنتاج الفن، وليس العكس “.
لقد قدّمت الفلسفات المختلفة منذ القديم تصوّراتها في الفن والجمال، فجاءت هذه التصوّرات مضطربة متناقضة:
فالجمال عند أفلاطون يُرجع إلى المثل الخالد وهو من بقايا ذكريات الروح، ويفسّر ذلك بنظرية المحاكاة.
وأما أرسطو فنقض نظرية المحاكاة وعالم المثل واهتم بالواقع، وكان الجمال عنده تناسق التكوين.
وربط “بومجارتن” الجمال بالحسّ والشعور.
وجاء “كانط” ليعتبر الفنّ غاية في ذاته،
و”جوتييه” قال بلا وجود لشيء جميل حقاً إلا إذا كان لا فائدة له وكلُّ ما هو نافع فهو قبيح.
ويرى “فيخته” أن الفنّ هو تحرير الذات.
ويقول الفيلسوف الألماني شوبنهاور: إِن الجمال هو في التأمل الخالص روحيَّاً دون أن نمزج به إرادتنا، فألغى إرادة الإِنسان”ْ [24] .
أما الأدب والفن في الإسلام هو الأدب الملتزم التزام صدق ويقين، والتزام لغة ودين، وهو تعبير عن قضيّة أو موضوع بوسيلة طاهرة مباحة، وتوفّر المتعة الحلال التي أحلها الله لعباده والأمن والأمان، وليعين الإِنسان على الوفاء بعهده مع الله سبحانه وتعالى: عبادةً وأمانةً وخلافةً وعمارةً للأرض بالإيمان والتوحيد. وقد نقل الإسلام الأدب نقلة واسعة جدّاً لم يحدث مثلها في التاريخ البشريّ، فقد نقل اللغة العربية من كونها لغة شعب واحد إلى كونها لغة النبوة الخاتمة، ولغة العبادة لكل مسلم أبد الدهر، عبادة وطاعة لله على امتداد الأرض والزمان.
وتحقق الجمالية الإسلامية في تبليغ رسالة التوحيد إلى العالـم، إفرادا لله بالعبودية، وتنـزيها له عن الشركاء والأنداد.
“ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ”[25].
ويتجلى الجمال في فطرة الإنسان التي فطره الله عليها، ثمّ في نفس الإِنسان المؤمن وخُلُقه، ثم في عمله، ثم في كلمته وبيانه: صبر جميل، صفح جميل، سراح جميل، هجر جميل، وغير ذلك، هكذا يمتد الجمال في تصّور المؤمن حتى إنه يعيش الجمال الحقَّ في أمره كله، على قدر إيمانه واتصاله بالكون وإدراك جماله، واتصاله بخالق الكون[26].
“لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴿٤﴾ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴿٥﴾ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ “[27].
“وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴿٥﴾ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴿٦﴾”[28].
“وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ” [29].
قال: وكيف نشأت اللغة؟ أليست كما يقول العلماء ناشئة تطوراً عن أصوات القردة؟
أضحكني سؤاله والذي كنت قد قرأت عنه مسبقاً أيضاً .
قلت له: لقد ثبت أن مَلكَة اللغة مبرمجة فطريًا (جينيًا) في بنية أدمغتنا، وأن لغات العالم جميعها تشترك في نفس القواعد التي تحكمها[30].
“وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ”[31].
لقد ذكر القرآن الكريم أن الله سبحانه تعالى علم آدم الأسماء كلها.
“وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ “[32].
وتعليم آدم الأسماء يعنى أنه تعلم أن لكل شيء اسمًا، سواء كان شيئًا ماديًا كالماء والسماء، أو شيئًا غير مادي كالألم والضوء، أو معنى مجرداً كالحرية والسعادة، وهذا ما يُسمى بالترميز، والقدرة على الترميز من أرقى الملَكات العقلية الإنسانية التى لا يُمارسها سواه، وتُعتبر أحد الفروق الجوهرية بين الإنسان وغيره من الكائنات.
“ خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)”[33].
والبيان هو صياغة الأفكار بتعقل وتبعًا لقواعد، ويستعمل الإنسان في ذلك الرموز التى أطلقها على الأشياء، كما يستعمل قواعد اللغة المُبرمجة في عقله.
“فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ”[34] .
والنطق هو المرحلة التالية في اللغة المنطوقة، ويقوم بها جهاز النطق (الحنجرة والبلعوم والفم) والمراكز المخية المسئولة عن عمل هذا الجهاز.
ولا يكون لهذه المنظومة فائدة وقيمة بدون مُستقبِل لهذه المعلومات المنطوقة، لذلك خلق الله تعالى لنا السمع.
“قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ “[35].
وتكتمل منظومة اللغة الإنسانية بأن يعقِل الإنسان ما يسمعه ويفهمه.
“كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ”[36].
وقد توصل الطب الحديث إلى أنواع من الخلل الذي يمكن أن يصيب هذه المنظومة، فمن إنسان لا يَعقل ما يسمعه، إلى آخر غير قادر على السمع، إلى ثالث غير قادر على النطق، وآخر لا يستطيع صياغة أفكاره، إلى أخير ينظر إلى الشيء ولا يجد له في عقله اسمًا[37].
قال: وما رأيكم بمفهوم نسبية الزمن الذي توصل إليه آينشتاين عندما قال: “ليس لنا أن نتحدث عن الزمان دون المكان، ولا عن المكان دون الزمان، وما دام كل شيء يتحرك فلا بد أن يحمل زمنه، وكلما تحرك الشيء أسرع فإن زمنه سينكمش بالنسبة لما حوله من أزمنة مرتبطة بحركات أخرى أبطأ منه”.؟
قلت له: قد أشار القرآن الكريم إلى نسبية الزمن، وذكر أن هناك يوماً طوله ألف سنة، ويوماً يبلغ طوله خمسين ألف سنة.
“يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ” [38].
” تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ “[39].
والزمن كما يقول أينشتاين ليست له حقيقة منفردة وقائمة بذاتها، وإنما هو من خواص المادة، ولذلك فالكون أشبه ما يكون بكتاب سُجلت فيه الحوادث بدقة، بحيث إن كل حركة أو فعل أو قول مسجلة في هذا الكون، وكل ما يتلفظ به الإنسان من يوم ولادته وحتى وفاته يبقى محفوظاً، وهذا ما ذُكر بدقة عجيبة في القرآن الكريم.
” مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ “[40].
ولدينا أيضاً دلالة أخرى على تطرق القرآن الكريم لمفهوم نسبية الزمن.
“ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴿٢٥﴾ قُلِ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا “[41] .
وقد ذكر الله تعالى هنا أنهم لبثوا 300 سنة وازدادوا تسعاً.
وقد سبق القرآن كل علوم الفلك حينما قدر الفترة التي لبثها أهل الكهف بثلاثمئة سنة، والتي تعدل في الوقت
نفسه 309 أعوام، بمعنى أن كل 300 سنة شمسية = 300 × 25, 365 = 109575 يوماً.
300سنة قمرية = 300 × 37, 354 = 106311 يوماً.
الفرق بين التقويمين = 109575 106311 = 3264 يوماً= 9 سنوات.
أي أن 309 عام قمري يقابلها 300 سنة ميلادية بفرق 9 سنوات.
وأيضاً هنا:
إن 300 عاماً (109575) تعادل على عطارد = 109575 88 (سنة عطارد 88 يوماً أرضياً) 1245 سنة.
على الزهرة = 109575 243 = 451 سنة.
على المريخ = 109575 687 = 59.5 سنة.
وهكذا يظل الزمن نسبياً، أما القيمة الحقيقية فلا توجد إلا عند من أحاط بالزمان والمكان وهو الله تعالى.
” قُلِ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ” [42].
ويتطرق القرآن الكريم إلى نسبية الحياة الدنيا أيضاً.
“قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ﴿١١٢﴾ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ ﴿١١٣﴾ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (114)”[43].
“وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ” [44].
“كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ” [45].
قال بعدها: يقول كثير من العلماء إن كل عصر ينبغي أن يكتب التاريخ من وجهة نظره؛ لأن تقدير كل عصر لما هو مهم وذو معنى بالنسبة له يختلف عن تقدير العصر الآخر، فكل عصر يحاول أن يرى الماضي من خلال اهتماماته والأفكار السائدة فيه، فالتاريخ نسبي أيضاً.
قلت له: هذا صحيح ولكن هذا لا ينفي أن للأحداث حقيقة واحدة، شئنا أم أبينا، وتأريخ البشر المُعرَّض للتشويه وعدم الدقة للأحداث والقائم على الأهواء ليس كتأريخ رب العالمين لها، والذي هو غاية الدقة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
” غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأرض وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ”[46].
تتحدث هذه الآيات عن هزيمة البيزنطيين على أيدي الفرس في معركة أنطاكيا، وقد كان وعداً للمسلمين أن تنقلب الهزيمة في بضع سنين إلى انتصار للبيزنطيين، وقد كان انتصارهم أمرا مهما للمسلمين، لأنهم كانوا نصارى ويعدون من أتباع دين سماوي، بينما يعُد الفرس من أتباع الديانة الزرادشتية وهي ديانة وثنية، وقد دارت المعركة في المنطقة المحيطة بالبحر الميت، (يقع في أخدود وادي الأردن)، والحقيقة المثيرة للاهتمام والتي اكتشفت مؤخرا من خلال الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الحديثة، أن المنطقة المحيطة بالبحر الميت هي الأقل ارتفاعا على الأرض، وهذه معجزة قرآنية، فلم تكن هذه الحقيقة معروفة أو متوقعة لأحد في القرن السابع، حيث لم تكن الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الحديثة متاحة في هذا الوقت، والتفسير الممكن الوحيد هو أن النبي محمد قد تلقى وحيا إلهيا من الله خالق الكون ومبدعه، وبعد حوالي 7 سنوات من نزول الوحي بهذه الآيات، تحقق وعد الله بانتصار الرومان في القرآن بإعجاز.
وقد سبق القرآن الكريم نظرية نسبية التاريخ أيضاً في تدوين الأحداث في لوح محفوظ.
“ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ﴿١٣﴾ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)”[47].
قال: كيف تنظرون لمفهوم التنوير؟
قلت له: يقوم المفهوم الإسلامي للتنوير على قاعدة راسخة من الإيمان والعلم، والتي تجمع بين تنوير العقل وبين تنوير القلب، بالإيمان بالله أولا، وبالعلم الذي لا ينفصل عن الإيمان.
وقد تم نقل مفهوم التنوير الأوروبي للمجتمعات الإسلامية كغيرها من المفاهيم الغربية الأخرى، والتنوير بالمفهوم الإسلامي لا يعتمد على العقل المجرد غير المهتدي بنور الإيمان، وبالقدر نفسه لا ينفع المرء إيمانه إن لم يستخدم ما وهبه الله من نعمة العقل، في التفكير والتدبر والتأمل وتصريف الأمور على الوجه الذي يحقق المصلحة العامة التي تنفع الناس وتمكث في الأرض.
لقد قام المسلمون في القرون الوسطى المظلمة بإعادة نور الحضارة والمدنية الذي كان قد انطفأ في جميع بلاد الغرب والشرق حتى القسطنطينية.
إن حركة التنوير في أوروبا كانت رد فعل طبيعي على الجبروت التي مارسته السلطات الكنسية ضد العقل والإرادة الإنسانية، وهو وضع لم تعرفه الحضارة الإسلامية.
“اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ “[48].
وبالتأمل في هذه الآيات القرآنية نجد أن المشيئة الإلهية هي التي تتولى إخراج الإنسان من الظلمات، وتلك هي الهداية الربانية للإنسان التي لا تتم إلا بإذن الله، لأن الإنسان الذي يخرجه الله سبحانه من ظلمات الجهل والشرك والخرافة إلى نور الإيمان والعلم والمعرفة الحق، هو إنسان منور العقل والبصيرة والوجدان.
وكما أن الله تعالى قد أشار إلى القرآن الكريم بالنور.
“…..قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ”[49].
والقرآن الكريم والتوراة والإنجيل الغير مُحرفة أنزلها الله تعالى على رسله ليخرجوا الناس من الظلمات الى النور، وبذلك جعل الله الهداية مرتبطة بالنور.
“إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ….” [50].
“…..وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ” [51].
ولا هداية بلا نور من الله، ولا نور يضييء قلب الإنسان وينير حياته إلا بإذن من الله.
“اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ ….” [52].
وهنا نلاحظ أن النور يأتي في القرآن مفردا في كل الحالات، بينما تأتى الظلمات جمعاً، وفي هذا منتهي الدقة في وصف هذه الأحوال [53] .
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا:
أذكر أن جاءتني مكالمة من زملاء لي في يوم إجازتي، لإخباري أن ملاكماً من أمريكا الجنوبية – خلال مشاركته في مسابقة دولية في الملاكمة- أراد أن يتعرف على الإسلام، وهو غير متفرغ إلا في يوم الجمعة ولا يتكلم الإنجليزية أبداً، ويريدون من يتحدث الإسبانية للحوار معه.
استشرت زوجي، وقال: أننا نستطيع مقابلته سوياً في مكانٍ عام، وفعلا خرجنا يوم الجمعة وقابلناه في مقهى قريب، برفقة وفد من النادي المستضيف له، وكان قد أعلن إسلامه في نهاية اللقاء.
سألني الشاب من ضمن ما سأل:
هل يوجد في الإسلام قديسين؟
قلت له: لا.
قال: إذاً ليس لديكم أناس صالحين؟ ألا تقدسون صحابة الرسول محمد؟
قلت له: نحن نحذو بحذو الصالحين وصحابة الرسول ونحبهم ونحاول أن نكون صالحين مثلهم، ونعبد الله وحده كما فعلوا هم، ولكن لا نقدسهم ولا نجعل منهم وسيطاً بيننا وبين الله.
قال: أنا مثلاً أحمل قلادة عليها نجمة داوود لأنني أُدعي ديفيد، فهل إذا أسلمت عليّ أن أخلعها؟
قلت له: بدايةً، النبي داوود عليه السلام من أنبياء الله المكرمين في القرآن كغيره من الأنبياء، وقد برأهم الله في القرآن الكريم من كل التهم التي نسبت إليهم من تحريفات في كتب العهد القديم والجديد. وقد ذكر القرآن الكريم لنا كيف كانت مخلوقات الله تُسبِّح الله مع داوود لجمال صوته.
“وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ”[54].
فالمسلم ليس لديه مشكلة مع أنبياء الله، ولكن المشكلة مع الذين حرفوا دين الله، وجعلوا من هذه النجمة رمزاً سياسياً.
قال: ما الفرق بين الشيعة والسنة.
قلت له: محمدا لم يكن سنياً ولا شيعياً ولكن كان حنيفاً مسلماً، والمسيح لم يكن كاثوليكياً ولا غيرها، كلاهما عبد الله وحده بلا وسيط، فلم يعبد المسيح نفسه ولم يعبد أمه، ولم يتوسل محمد بنفسه ولا بابنته ولا بزوجها.
وعندما أشاع قوم في المدينة المنورة أن الشمس انكسفت لموت إبراهيم ابن النبي، فخطب بهم النبي وقال عبارة تُكتب بماء الذهب، وهي رسالة لكل من يتبنى خرافات لا تُحصى عن كسوف الشمس حتى يومنا هذا. فقال بكل وضوح وبيان في صحراء شبه الجزيرة قبل أربعة عشر قرناً:
“إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك، فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة”[55].
وظهور فرق كثيرة بسبب مشاكل سياسية أو غيرها وارد ولا علاقة له بالدين، وفي كل الأحوال فإن كلمة “سُنَّة” تعني اتباع منهج الرسول بحذافيره، وتعني كلمة “شيعة” فرقة من الناس، انشقوا عن النهج الذي ينتهجه العامة.
“إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ “[56].
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ:
سأل الشاب مستطرداَ: وما معنى الجهاد؟
قلت له: الجهاد يعني مجاهدة النفس في الكف عن المعاصي، جهاد الأم في حملها بتحمل آلام الحمل، اجتهاد الطالب في دراسته، جهاد المُدافع عن ماله وعرضه ودينه، حتى المثابرة على العبادات مثل الصوم والصلاة على وقتها تعتبر نوعاً من أنواع الجهاد.
والإسلام يقدر الحياة، فلا يجوز مقاتلة المسالِمين والمَدنيين كما يجب حماية الممتلكات والأطفال والنساء حتى في أثناء الحروب، كما لا يجوز التشويه أو التمثيل في القتلى فهي ليست من أخلاق الإسلام.
“لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿٨﴾ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٩﴾”[57] .
“مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ” [58].
فغير المسلم هو واحد من أربعة:
مستأمنون: وهو الذي أُعطي الأمان.
“وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ”[59].
معاهدون: وهم الذين عاهدهم المسلمون على ترك القتال.
ذميون: والذمة هي العهد، عقد الذمة بين المسلمين وأهل الذمة بشرط أن يبذلوا الجزية مقابل حمايتهم ورعايتهم، ومثلها كمثل الضريبة التي يدفعها الملايين في يومنا هذا مقابل رعاية الدولة لشؤونهم.
“ قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ“ [60].
محاربون: وهم من أعلن القتال ضد المسلمين، فهؤلاء لا عهد لهم ولا ذمة ولا أمان. وهم الذين قال الله تعالى فيهم:
“وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”[61].
وفئة المحاربون هي من علينا مقاتلتها فقط، ولم يأمر الله بالقتل ولكن بالقتال وهناك فرق كبير بينهما، فالقتال هنا بمعنى المواجهة بالحرب للدفاع عن النفس، وهذا ما تنص عليه كل القوانين الوضعية.
“وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ”[62].
قال: أليست كلمة كافر تحقير للطرف الآخر؟
قلت له: ألا أُعتبر كافرة بالنسبة للنصراني لأنني لا أؤمن بعقيدة التثليث؟ كلمة كفر تعني إنكار الحق، والحق بالنسبة لي كمسلمة هو التوحيد، وبالنسبة للنصراني هو التثليث.
قال: ولماذا يُكافَأ من يقوم بالعمليات الانتحارية بالحور العين في الإسلام؟
قلت له: إنه من غير المنطقي أن يأمر واهب الحياة من الموهوب إليه أن يزهقها، ويزهق حياة آخرين دون ذنب وهو القائل “ولا تقتلوا أنفسكم”، وغيرها من الآيات التى تنهى عن قتل النفس إلا بوجود مبرر كالقصاص أو دفع العدوان، دون انتهاك للحرمات أو الإقدام على الموت وتعريض النفس للتهلكة، لخدمة مصالح جماعات لا علاقة لها بالدين أو بمقاصده، وتبتعد عن سماحة وأخلاق هذا الدين العظيم.
ولا يجب أن يُبنى نعيم الجنة على تلك النظرة الضيقة بالحصول على الحور العين فقط، فالجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
إن معاناة الشباب اليوم من الظروف الاقتصادية وعدم المقدرة على تحصيل الأمور المادية التى تعينه على الزواج، تجعلهم فريسة سهلة للمروجين لهذه الأعمال المشينة، وخصوصاً المدمنين منهم والذين يعانون من اضطرابات نفسية. ولو صدق المروجون لتلك الفكرة لكان الأولى أن يبدؤا بأنفسهم، قبل أن يرسلوا الشباب لهذه المهمة.
الخلاصة:
نستنتج مما سبق أنه لا تقدم ولا علم حقيقي إلا بالإسلام، في نطاق الفهم الواعي لدور الدين في حياتنا، والموازنة بين ضرورات الشرع وبين متطلبات الحياة دون التنازل عن قاعدة من قواعد الدين، أو عن أيٍّ من ثوابته. والعقل لم يستطع وحده أن يساعد الذين اعتمدوا عليه إلى معرفة الحقيقة كاملةً، بل أدى الى انحرافهم لأنه جزء لا يتجزأ من حقيقة لا تكتمل إلا بأمور أخرى، وكذلك أخطأ الذين تجاهلوا العقل وبحثوا عن المعرفة من خلال الحدس وحده، ومن هنا جاء اكتمال النظرية الإسلامية للمعرفة، جامعة بين العقل والقلب، وبين عالم الغيب والشهادة.
ولقد عرَّف القرآن الناس بخالقهم بكلام لا يجدونه في كتب الفلسفة ولا كتب الديانات الأخرى، وفي إرشادهم إلى الطريق التي يجب أن يعبدوا بها هذا الخالق، وإلى الخُلق الذي ينبغي أن يسلكوه في معاملة بعضهم لبعض، وفي إرشادهم الى ما يسمو بروحهم، ونهيهم عمّا يحط من قدرهم، وزودهم بمنهج حياة متكامل من الاعتقادات والعبادات والأخلاق، إلى النظام الاجتماعي فرداً وأسرة ومجتمعاً، وإلى العلاقات مع غير المسلمين، وذلك بطريقة متوازنة تُلبي المتطلبات العقلية، والحاجات الجسدية، والروحية.
“ …كَذَٰلِكَ
يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ”[63].
[1] (آل عمران: 110).
[2] (البقرة: 37).
[3] (النمل: 23).
[4] (الإسراء:93).
[5] (الأنعام : 9).
[6] (الأنعام: 91).
[7] (العنكبوت: 48).
[8] (الأنعام: 90).
[9] (النساء: 82).
[10] (هود: 13).
[11] (القصص: 50).
[12] (آل عمران:50).
[13] (فاطر: 40).
[14] (الأحزاب: 4).
[15] (الحج:62).
[16] (النحل:78).
[17] (الفرقان :44).
[18] (البقرة: 171).
[19] (رواه مسلم).
[20] (الروم: 30).
[21] (الرعد:28).
[22] (الأنعام:162-163).
[23] صحيح مسلم.
[24] الأدب الإسلامي في موضوعاته ومصطلحاته.
[25] (فصلت:33).
[26] الأدب الإسلامي في موضوعاته ومصطلحاته.
[27] (التين: 4ـ 6).
[28] (النحل: 5-6).
[29] (النمل:88).
[30] ناعوم تشومسكى أكبر عالِم لغويات في القرن العشرين.
[31] ( الروم: 22).
[32] (البقرة :31).
[33] (الرحمن 4:3).
[34] (الذاريات:23).
[35] (الملك:22).
[36] (الروم: 28).
[37] كتاب وهم الإلحاد. د. عمرو شريف.
[38] (السجدة:5).
[39] (المعارج:4).
[40] (ق:18).
[41] (الكهف: 25- 26).
[42] (الكهف: 26).
[43] (المؤمنون: 112 -114).
[44] (الروم: 55).
[45] (النازعات: 46).
[46] (الروم: 2-5).
[47] (الإسراء: 13-14).
[48] (البقرة:257).
[49] (المائدة: 15).
[50] (المائدة: 44).
[51] (المائدة: 46).
[52] (النور: 35).
[53] https://www.albayan.ae/five-senses/2001-11-16-1.1129413
[54] (سبأ: 10).
[55] رواه البخاري.
[56] (االأنعام:159).
[57] (الممتحنة: 8-9).
[58] (المائدة: 32).
[59] (التوبة:6).
[60] (التوبة: 29).
[61] (الأنفال :39).
[62] (البقرة: 190).
[63] (النحل : 81).